المياه… سلاح الدولة التركية ضد دول الجوار

مركز الأخبار

تستخدم تركيا الماء كسلاح ضد جيرانها، ومشروع GAP هو أحد هذه الأسلحة، فحين افتتاح سد أتاتورك عام 1993 أعلن رئيس جمهورية تركيا، سليمان ديميرل، حينها صراحة أن كل برميل نفط سيكون مقابل متر مكعب من الماء.

بعد الحرب العالمية الثانية انشغلت الدولة التركية وإيران بتأسيس نظام مياه كبير لفرض سيادتهم وربط الدول الأخرى بهم لإدارة سياستهم فيها، وبعد استقلال العراق، أقامت علاقاته مع تركيا مطالباً بتقسيم مياه دجلة والفرات بينهما، وفي هذا الإطار تم توقيع بروتوكول المياه عام 1947 بين العراق وتركيا، ووفقاً لهذا البروتوكول يحق لكلا الدولتين تقديم شكوى لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في حال وقوع خلاف على موضوع المياه بينهما.

وحتى عام 1970 كان فقط العراق وسوريا يستفيدون من مياه دجلة، لهذا السبب لم تظهر أية مشاكل جدية مع تركيا وإيران، لكن بعد مشروع GAP التركي ظهرت مشكلة المياه في دول المنطقة ووصلت لذروتها، وبذلك ظهرت مخاطر المياه الكبيرة في سوريا والعراق.

ما هو مشروع GAP؟

مشروع GAP موجود منذ عام 1936 وحتى الآن، الاسم الكامل له “مشروع جنوب شرق أناضول” تتضمن مدن شمال كردستان مثل سمسور وإيله وآمد وديلوك وكلس وميردين وسيرت وروها وشرنخ، يشكل أهالي هذه المدن 10% من تركيا، وهي منطقة معروفة بمزوبوتاميا أو القوس الذهبي، تم إعداد المشروع عام 1970 بحيث يتم الاستفادة من مياه نهري دجلة والفرات.

عام 1977 سمي كلا مشروعي السدين باسم “مشروع جنوب شرق أناضول”، وفي عام 1980 تم تحويله إلى برنامج إداري إقليمي اجتماعي- اقتصادي، ويتضمن هذا البرنامج الطاقة وبناء المدن والغابات والتربية والتعليم والصحة، ويهدف برنامج مصدر المياه إلى 22 سداً و19 محطة هيدروالكتريك و1.2 مليون هكتار.

يحوي مشروع GAP ضمنه 80% من مياه نهر الفرات و20% من مياه نهر دجلة، وتم صرف مبلغ 32 مليار دولار على هذا المشروع حتى الآن.

يؤثر هذا المشروع سلباً على مياه العراق وإقليم كردستان وسوريا، حيث تنقص مياه الفرات 40% عن سوريا و75% عن العراق، هناك خطر كبير على الدول العربية والمنطقة.

نقص حتى الآن 2 مليار متر مكعب من المياه بعد استخدام سدين فقط من مشروع GAP، وتسبب هذا بجفاف 6250 كم مربع من الحقول، وتحولت مساحة بقدر 300 ألف كم مربع إلى صحراء، ولا يمكن الزراعة فيها بأي شكل كان، ففي البداية جفت الحقول، وببناء هذا المشروع ستنقرض تربية المواشي أيضاً في العراق.

سد إليسو: أحد السدود الكبيرة في تركيا يحوي ما يقارب 20 مليار متر مكعب من المياه، يُقال أن الهدف من بناء هذه السدود هو توليد الكهرباء والزراعة إلا أنه هناك أهداف سرية سياسية وديموغرافية واقتصادية خلفه، يواجه أكثر من 20 ألف كم مربع من الحقول هذه المياه وهي مهددة بالتصحر.

خطر مشروع GAP

إذا ما نظرنا إلى سياسة تركيا نرى وجود بعض الأهداف السرية خلف بناء هذا المشروع، بمعنى أنها استبدلت اقتصادها بالمياه وتوليد الكهرباء وتوسيع المساحات المزروعة المروية، بالإضافة إلى أنها تستخدم هذا المشروع كبطاقة بيدها ضد دول الجيران، كما قال سليمان ديميرل عام 1993: “برميل ماء واحد يجب أن يقابله برميل نفط”، وكذلك عبدلله كول وزير الخارجية آنذاك يكرر نفس الجملة بالقول: “يجب أن يصبح قيمة برميل الماء الواحد بقيمة برميل النفط الواحد.”

الهدف الرئيسي والأول لتركيا من هذا المشروع هو التغيير الديمغرافي والجغرافي للمنطقة وكردستان وفصل المنطقة عن بعضها، حيث تم إفراغ مئات القرى في شمال كردستان بسبب هذا المشروع، بالعموم اضطر 80 ألف شخص من 199 قرية إلى ترك قراهم وإفراغها.

زيادة ظاهرة الهجرة من مناطق أناضول تركيا إلى العراق وجنوب غرب إيران يجعلها أفضل الأماكن للهجرة المجددة لمناطق الكرد، حيث هاجر أكثر من 250 ألف شخص من القرى المحيطة بهذا المشروع، وتؤثر هذه الهجرة بشكل مباشرة على الناحية الاجتماعية والثقافية لأهالي المنطقة، فتستطيع تركيا في هذا الموضوع طمر قسم كبير من الثقافة والهوية الكردية لهذه المنطقة بكل سهولة، وذلك بطمر الكثير من المدن التاريخية للكرد مثل سبامات وحسن كيف و200 قرية حول حسنكيف طمروا تحت سد إليسو.

نرى أن تركيا تريد عبر هذا المشروع القضاء على جمال طبيعة كردستان والثقافة والتاريخ الحضاري للمنطقة وتاريخ الإنسانية والكرد ووثائق آلاف السنوات الأثرية ووجود الكرد.