قصة هناء أدور من أقصى جنوب العراق وقيادتها لمعارك دفاعية عن حقوق المرأة

بغداد

هناء ادور هي ناشطة حقوق إنسان عراقية ومناضلة يسارية ومدافعة عن حقوق المرأة وسكرتيرة جمعية الأمل العراقية، إحدى منظمات المجتمع المدني في العراق.

مثلّت رابطة المرأة العراقية في الهيئة التنفيذية لاتحاد النساء الديمقراطي العالمي في برلين للفترة من 1972- 1982، وبعملها كانت على علاقة وطيدة مع نزيهة الدليمي رئيسة الرابطة، التي كانت أول وزيرة في تاريخ العراق والوطن العربي.

هناء ادور من مواليد البصرة في جنوب العراق، حيث أكملت دراسة الإعدادية ثم انتقلت إلى جامعة بغداد للدراسة في كلية الحقوق.

بعد برلين توجهت إلى دمشق حيث تركز نشاطها على إعادة بناء رابطة المرأة، ثم التحقت في عام 1985 بحركة الأنصار في شمال العراق التابعة للحزب الشيوعي العراقي، وبعد ثلاث سنوات من الكفاح المسلح ضد النظام، انتقلت إلى موسكو لدراسة النظرية الماركسية اللينينية في معهد العلوم الاجتماعية 1988-1990.

عادت هناء إلى دمشق لتعمل كمدير تنفيذي لأكبر مجلة يسارية عربية وهي مجلة “النهج”، وكذلك في مؤسسة “المدى” الإعلامية للفترة من 1991-1996. وفي حزيران 1996 انتقلت إلى هولير بشكل دائم للإشراف على مشاريع جمعية الأمل العراقية.

وفي نيسان 2003 نقلت مقر إقامتها إلى بغداد. هناء أدور إحدى الخبيرات المعتمدة من قبل المنظمة العالمية لمراقبة حقوق الإنسان، وأسست جمعية الأمل في عام 1992.

اشتهرت في وسائل الإعلام بعد تحديها لنوري المالكي وتوزيعها بوسترات مطالبة إياه بإطلاق سراح الشباب الناشطين في تظاهرات ساحة التحرير، عرفت بنشاطها لتحسين وضع حقوق الإنسان والمرأة في العراق، وشاركت في تأسيس المبادرة المدنية للحفاظ على الدستور، ومقاضاة رئيس السن لمجلس النواب في أب 2010 أمام المحكمة الاتحادية العليا حول الجلسة المفتوحة، وكان لقرار المحكمة الدور الحاسم في استئناف مجلس النواب لجلساته.

ساهمت هناء بإطلاق حملة استرداد رواتب نواب البرلمان العراقي التي استلموها قبل تشكيل الحكومة، لأنهم لم يقوموا بأي عمل يستأهلون عليه المال، حائزة على جائزة مكتب السلام العالمي شون ماكبرايد في عام 2011.

وحصلت هناء أدور من قبل مؤسسة تكريم على لقب “المرأة العربية الأولى” لعام 2013 عن جهودها المدنية للمرأة العراقية.

الناشطة العراقية هناء أدور تلقي كلمتها أمام مجلس الأمن / المصدر: UN

خطابها في مجلس الامن

بصفتي مدافعة عن حقوق الإنسان وناشطة مدنية في العراق لسنوات طويلة، عملت مع زملائي بلا كلل بعد 2003 لإعادة بناء الوعي المجتمعي على قيم ومبادئ حقوق الإنسان وعدالة الجندر. حققنا كحركة مجتمع مدني انجازات ملموسة في حملات المدافعة بشأن القوانين والسياسات والبرامج، وتعزيز حركة المطالبة بالحقوق بين الشباب والنساء والأقليات والشرائح الاجتماعية المستضعفة، انعكست في حركة الاحتجاجات السلمية منذ 2011 التي بلغت أوجها في انتفاضة اكتوبر الشعبية 2019 و2020.

ندرك ان عملية التغيير لبناء النظام الديمقراطي والحكم الرشيد تستلزم عملاً مثابراً شاقاً وصبراً هائلاً للبناء. الآن وبعد ما يقارب العشرون عاماً، تشير المؤشرات – التي تداولتها وكالات الأمم المتحدة والمراكز البحثية الدولية – إلى تراجع مريع في الوضع الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والصحي والبيئي في العراق، في ظل نظام سياسي، قائم على المحاصصة الطائفية والعرقية بدون سند دستوري أو قانوني، تحكمت في قيادته كتل سياسية بلا رؤية وطنية لإدارة البلد، وتفتقر أيضاً إلى الثقة فيما بين أحزابها، وبين الأحزاب وسلطات الحكم ومؤسساته.

نهبت موارد الدولة وموازناتها لأجل مصالحها الفئوية الضيقة والشخصية، ونشرت الفساد والخراب في مؤسسات الدولة، وحتى حملاتها للإصلاح ومحاربة الفساد هي فساد كبير. كما استبيحت سيادة البلاد أمام التدخلات الأجنبية العسكرية والأمنية المستمرة.

السيد الرئيس

سيادة القانون في بلدي حلّ محله انتشار السلاح بيد العشائر والجماعات المسلحة. الإفلات من العقاب هي السمة البارزة في نظام العدالة، لذا يتوجه المواطنون لحل نزاعاتهم وخلافاتهم على اساس الفصول العشائرية بدلاً من المحاكم. كما نشهد تسييس نظام العدالة حيث تصدر أحكام قضائية قاسية مبنية على دعاوى كيدية ضد المدافعين عن حقوق الإنسان والاعلاميين والمتظاهرين السلميين وصلت إلى اصدار أحكام بالإعدام.

ولم تنشر نتائج التحقيقات بشأن أنماط الاغتيالات والاعتداءات العنيفة ضدهم التي نسبت إلى “عناصر مسلحة مجهولة الهوية”. ولايزال مصير عدد من الناشطين والاعلاميين المعتقلين والمختطفين مجهولاً، ناهيك عن الآلاف من المختفين قسرياً، لم يتحرك القضاء لبحث قضاياهم وإنصاف عوائلهم، في حين المتهمين بجرائم المخدرات والفساد الكبيرة تصدر أحكاماً خفيفة بحقهم، بل وببراءتهم أو ينالون عفواً خاصاً.

اختزلت الديمقراطية في العراق بإجراء خمس عمليات انتخابية عامة، أدت إلى اختمار وضعيات غير ديمقراطية بديلة بعنوان التوافق بين الأحزاب السياسية الحاكمة، وصلنا فيها الآن إلى مرحلة الجمود السياسي. الحكومة هي لتسيير الأعمال اليومية، وأجهزتها متوقفة عن ممارسة وظائفها بسبب عدم وجود الموازنة. كما ان مجلس النواب معطل، رغم مضي ما يقارب الخمسة أشهر على مصادقة المحكمة الاتحادية العليا على نتائج الانتخابات. للأسف، حتى المحكمة الاتحادية العليا المعنية بتفسير نصوص الدستور، ساهمت قراراتها الأخيرة في تصلب حالة الجمود السياسي، بدلاً من الاجتهاد في تفكيكه من أجل المصلحة العامة.

تعمقت أزمة عدم ثقة الشعب بالطبقة الحاكمة والمؤسسات العامة، وحتى في انتخابات اكتوبر 2021، لم تتجاوز نسبة مشاركة الناخبين 35 % في أحسن الأحوال. وبشأن دعوات الاصلاح والتغيير التي يطلقها صناع القرار السياسيين، هناك مثل يردده العراقيون: “المجرب لا يجرب”.

السيدات والسادة الكرام

ازاء الواقع المرير الذي نعيشه، والمحفوف بالمخاطر، بات الاصلاح والتغيير حاجة آنية ماسة، لتحقيق الاستقرار والأمن والتعايش السلمي بين العراقيين، وفق عقد اجتماعي جديد، يضمن المواطنة المتساوية الحاضنة للتنوع والعدالة الاجتماعية والتداول السلمي للسلطة في إطار دولة مدنية.

أناشد المجتمع الدولي، قبل فوات الأوان، للقيام بمبادرة مدروسة، ضمن سقف زمني محدد، باتجاه الضغط على السلطات العراقية وصناع القرار من السياسيين، للعمل الجدي لتجاوز حالة الجمود السياسي والانقسامات فيما بينهم، وتغليب مصالح الشعب العراقي على مصالحهم الفئوية الضيقة، واحترام التزاماتهم الدولية لاتفاقيات حقوق الإنسان. ومن الأهمية ادماج منظمات المجتمع المدني ضمن المبادرة لتفعيل دورها في الدفاع عن حقوق الإنسان والحريات العامة وسيادة القانون، والضغط لوضع حد للإفلات من العقاب، والترويج للتعايش السلمي والشفافية والمساءلة والحكم الرشيد والتنمية المستدامة.