تطويق المخيم مقايضة تركية – عراقية.. ماذا يحدث في مخمور؟

مركز الأخبار

أفادت معلومات بأن دولة الاحتلال التركي تضغط على الحكومة العراقية بتطويق المخيم مقابل ترك الحصص المائية للعراق، في حين يبدي أهالي مخيم مخمور مقاومة لا مثيل لها أمام هذه السياسات، التي تتبعها دولة الاحتلال التركي والحزب الديمقراطي الكردستاني والحكومة العراقية.

تستهدف دولة الاحتلال التركي وشركاؤها مقاومة أهالي مخيم مخمور منذ 30 عامًا، وفي الوقت الذي يعجز العراق عن حماية سيادته يسعى اليوم لتنفيذ مخططات دولة الاحتلال التركي بتطويق المخيم.

يقع مخيم الشهيد رستم جودي (مخمور) على حافة جبل قره جوخ داخل حدود قضاء مخمور في محافظة الموصل، حيث بدأت هجرة سكانها من شمال كردستان عام 1994، وكان سبب الهجرة هو اضطهاد وقمع دولة الاحتلال التركي.

“12 ألف شخصا يقطنون المخيم”

استقر قرابة 12 ألف مواطن من شمال كردستان في مخمور بعد رحلة طويلة مليئة بالهجمات والمصاعب والمعاناة، بعد أن عاشوا في مخيمات بهيرى وشرانش وبرسيفه ووادي القيامة وأرتوش ونينوى ونهدران بالترتيب منذ عام 1994.

في هذه المخيمات وبالإضافة إلى المعاناة الشديدة للأهالي، فقد العديد من الأطفال وكبار السن والنساء حياتهم، وواجه اللاجئون أيضا العديد من الهجمات وقتل العديد من المواطنين فيها، كما واجهوا الحصار في مخيمات أتروش ووادي القيامة ونينوى، ونفذ كل من الحزب الديمقراطي الكردستاني والدولة التركية جميع الهجمات، إلا أن أهالي مخمور لم يرضخوا للدولة التركية والحزب الديمقراطي الكردستاني لحماية كرامتهم ومجدهم.

“هجرة بسبب القمع والظلم”

أهالي مخمور، الذين اضطروا للتنقل في كل مرة بسبب قمع الحزب الديمقراطي الكردستاني والدولة التركية استقروا في مخمور، والحقيقة هي أن إدارة إقليم كردستان لم تستقبل أهالي المخيم، ولهذا تم وضعهم على سفوح جبل مخمور من قبل صدام حسين بدلاً من أن يساعدهم الكرد.

ونتيجة لهذه الرحلة الصعبة، استقر المهاجرون من شمال كردستان في سفوح جبل قره جوخ في منطقة مخمور عام 1998. في السنوات الأولى، واجهوا صعوبات كثيرة وكان من الصعب العثور على مياه الشرب والصرف الصحي ولم يكن هناك مورد لهم، وفقد العشرات من الناس حياتهم لوجود العقارب في تلك المناطق.

وعلى الرغم من كل المصاعب التي اعترضت طريق المهاجرين إلا أنهم أسسوا في مخمور حياة جديدة، وتم بناء المنازل والمؤسسات الإدارية والبلديات ومراكز التعليم والصحة والحماية.. إلخ. وفي نفس العام (1998)، تم قبول المخيم رسميًا كمخيم لـ اللاجئين من قبل الأمم المتحدة (UN)، وعلى الرغم من فرض العديد من القيود على سكان المخيم إلا أنهم لم يتخلوا عن نضالهم.

وقضى أهالي مخمور معظم حياتهم في العمل حتى عام 2014، حيث كان المئات من عمال مخمور يعملون في مدن وبلدات إقليم كردستان؛ لكسب قوتهم وكان الطلاب يدرسون في جامعات الإقليم.

وخلال هجمات مرتزقة داعش على سوريا والعراق تم اتخاذ إجراءات لمواجهة هجوم محتمل على مخيم مخمور لـ اللاجئين، وكجزء من هذه الإجراءات قامت قوات حماية المخيم بإخراج الأهالي من المخيم، وفي 7 آب/ أغسطس هاجمت المرتزقة المخيم، وفي هذا الصدد أبدت قوات حماية المخيم ومقاتلي الكريلا HPG، الذين أتوا إلى المنطقة بعد الهجوم الذي وقع على شنكال لحماية الأهالي، مقاومة كبيرة ونتيجة للمقاومة التي استمرت 3 أيام تم تطهير المخيم من المرتزقة في 10 آب/ أغسطس.

وبهذه الطريقة هُزمت مرتزقة داعش للمرة الأولى وكسرت شوكتهم، كما تم تحرير قضاء مخمور. في ذلك الوقت انضمت البيشمركة أيضًا إلى هذه المقاومة فنشأ تهديد على هولير أيضاً، وتوجه رئيس إقليم كردستان في ذلك الوقت مسعود بارزاني إلى مخمور وشكر الكريلا وأهالي المخيم الذين هزموا داعش، لكن المسؤولين التابعين للبارزاني لم يروا ذلك، وبعد 2014 بدأوا بحياكة خطط جديدة ضد المخيم.

في 17 تموز/ يوليو 2019، فرضت إدارة الحزب الديمقراطي الكردستاني حظراً على المخيم، ولم تسمح لأي شخص من المخيم بالذهاب إلى هولير، وبسبب الحصار لم يتمكن عشرات المرضى الذين كانوا في حالة خطرة من الذهاب إلى هولير، بعد ذلك بيوم واحد أي في 18 تموز/ يوليو 2019 قصفت الطائرات الحربية التابعة لجيش الدولة التركية المخيم، وأسفر القصف عن إصابة 2 من سكان المخيم.

وبعد أن أغلقت الدولة التركية والحزب الديمقراطي الكردستاني الطريق أمام أهالي مخمور، حاولوا إخلاء المخيم، وقد أرادوا بذلك الحصار تفريغ المخيم وكسر إرادة الأهالي بعدة طرق مختلفة، إلا أن أبناء مخمور قاوموا مقاومة شديدة وما زالوا يقاومون مخططات ومؤامرات الحزب الديمقراطي الكردستاني والدولة التركية حتى يومنا هذا.

“محاولات لإفراغ المخيم”

في 27 كانون الأول 2021، وفي ساعات الصباح الأولى، حاولت القوات العراقية فجأة دخول مخيم الشهيد رستم جودي (مخمور)، كما سعت القوات العراقية لتسييج وتطويق المخيم بأكمله، إلا أن أهالي مخمور وقفوا ضد ذلك، ولم يسمحوا بتسييج مخيمهم.

ومنذ اليوم الذي لجأ فيه الأهالي إلى مخمور وحتى الآن يتعرض المخيم للهجوم بشتى الطرق، سواء كانت غارات جوية أو عن طريق أشكال مختلفة من الحصار وتحاول الدولة التركية والحزب الديمقراطي الكردستاني بهذه الوسائل إفراغ المخيم من ساكنيه، ويقولون أن تطويق المخيم بالسياج سيحل مشكلتكم، لكن ذلك بعيد عن الحقيقة فالحكومة بإصرارها تسعى بهذه المحاولات لإخضاع أهالي المخيم لها.

“تركيا: المياه مقابل إخلاء المخيم”

إن مقاومة أهالي مخمور ليس مستهدفًا من قبل الدولة التركية وشركائها اليوم فقط بل إنها ومنذ 30 عامًا هي هدف للأعداء؛ ولأن تركيا فشلت أمام مقاومة مقاتلي الحرية الكريلا، فتوجهت صوب المدنيين، وإن دولة العراق العاجزة عن حماية سيادتها تريد اليوم تطويق المخيم ومهاجمة المدنيين خدمة للدولة التركية التي تقصف الأراضي العراقية يومياً.

وشهد العراق منذ سنوات أزمة جفاف لأن الدولة التركية لا تمنح حصة العراق من المياه، وتتفاقم هذه الأزمة يوماً بعد يوم ولا يستطيع العراق الذي يمر بأزمة سياسية أن يتجاوب مع تركيا اقتصادياً وتجارياً.

هذه المرة تضغط تركيا على العراق لإفراغ مخيم مخمور، وهذا يعد شرط تركيا مقابل أن يعطي العراق حصته المائية ويستخدم المياه كسلاح وورقة ضغط ضد العراق، والمستهدف ليس فقط أهالي مخمور بل حتى شنكال.

يصرّ العراق هذه المرة وبسبب ضغوط تركيا على تسييج المنطقة المحيطة بالمخيم، وعندما نقول العراق فنحن لا نشمل الجميع، فهناك من يقف ضد هذه الإجراءات لكنهم لا يرفعون أصواتهم، ولا نسمع صوتاً من الأمم المتحدة أيضاً التي تتنصل من مسؤولياتها تجاه اللاجئين السياسيين؛ الذين يعيشون تحت سقفها.

قبل الآن حاول العراق تسييج المخيم لكنه لم ينجح وهذه المرة جاء بإصرار أكبر، حيث حاول صباح يوم أمس، دخول المخيم بقوة كبيرة لتسييج المخيم ووصلت الشرطة والجنود والقوات الخاصة والمخابرات، وحاولوا عدة مرات يوم أمس، لكنهم واجهوا مقاومة كبيرة من أهالي المخيم، ورد الجنود العراقيون على مطالب الشعب بإطلاق النار مما أسفر عن إصابة شابين.

“بشرى سارة لأردوغان”

لماذا يحاول العراق في هذا التوقيت بالذات أن يطوق مخيم مخمور بالأسلاك؟! بلا شك أن مخمور هي المستهدفة منذ سنوات طويلة لكنها تريد في هذا الوقت أن تحمل البشارة لأردوغان في مرحلة الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها في 28 أيار.

وعندما يطوقون المخيم سيعلن أردوغان لشعبه نجاحه، بجمعه أصوات الفاشيين، إلا أنه حتى الآن لم تسمح مقاومة أهالي شنكال بأن يفرح قلب أردوغان بهذا الخبر حيث يستمر الكفاح والمقاومة والموقف المشرف لأهالي مخيم الشهيد رستم جودي في مخمور بلا انقطاع.