مع ارتفاع النسب الشهرية والسنوية … “روج نيوز” تغوص في ظاهرة الطلاق وتحدد الأسباب والمعالجة

بغداد

تعد نرجس علاء (28 عاما) الطلاق هو الحل الأفضل لها ولبناتها الثلاثة أكبرهن تبلغ 4 سنوات، حيث عانت نرجس من المشاكل والتحكم فيها وبطباعها وعاداتها بعد انتقلت من بيئة والدها إلى بيئة زوجها المختلفة جداً حيث يقطن زوجها مع والديه وأخوته في بيت لا يتجاوز 150 متراً في أحد ضواحي بغداد.

تتحدث نرجس علاء لوكالة “روج نيوز”: أن “الاستقرار في منزل خاص مع زوجي وبناتي كان الحل لديمومة زواجي ولكن بقائي مع أهل زوجي كان السبب الرئيس في حدوث المشاكل بشكل يومي ومتكرر إضافة إلى تحكم أهل زوجي بملابسي وغيرها من الخصوصيات حيث العيش معهم يضيف التعقيدات وتكرار المشاكل”.

ولعدم قدرت زوجي على الوقوف بجانبي ضد المشاكل المفتعلة من أهله بحقي وعدم مقدرته المالية على شراء أو استئجار بيتاً جديداً للعيش فيه كونه موظف في أحد دوائر وزارة الإعمار والإسكان العراقية التي رواتبها متدنية يقابلها ارتفاع كبير في بدلات الإيجار النقدية الشهرية للسكن التي لا تناسب مدخوله الشهري.. أضطررت لطلب الطلاق وبعد مدة 4 شهور تم الطلاق فعليًا وعدت مع بناتي لبيت أبي للعيش بسلام”.

وتعد نرجس من بين الالاف النساء التي تتعرض للطلاق شهريًا في العراق، حيث وفيه أخر الإحصائيات لمجلس القضاء الأعلى، فقد تم تسجيل أكثر من 4600 حالة طلاق فقط خلال شهر نيسان العام 2023, إذ أظهرت الإحصائية التي اطلعت عليها “روج نيوز”، تسجيل المحاكم “4.643 حالة طلاق خلال شهر نيسان الماضي منها 3317 حالة تصديق طلاق خارجي، فيما سجلت 17.105 حالة زواج خلال الشهر ذاته”.

وبلغت حالات الطلاق في العراق خلال الربع الأول من العام 2023 تسع حالات في كل ساعة واحدة.

المركز الاستراتيجي لحقوق الإنسان في العراق، قال في بيان اطلعت عليه “روج نيوز”: إنّ “عدد حالات الطلاق في الربع الأول من 2023، بلغ 19 ألفًا و19 حالة”، وهو معدل يشير إلى تسع حالات طلاق بالساعة الواحدة، وفقًا لإحصاءات مجلس القضاء الأعلى”.

وسجل العراق 6.344 حالة باستثناء إقليم كردستان في شهر كانون الثاني/يناير 2023، وهو ما يشير إلى حصول أكثر من 200 حالة يومياً.

وسجل العراق خلال العام 2022 نحو 70 ألف حالة طلاق، وهو معدل وسطي يصل إلى قرابة 200 حالة يومياً.

ويعدّ الزواج المبكر أيضاً سبباً رئيسياً للطلاق، ففي العام 2020، سجّلت المحاكم العراقية 1498 حالة طلاق لمراهقات لم يبلغن الـ15 عاماً من العمر بعد, وفي العام الذي تلاه، سجلت 2594 حالة وفي العام 2022 الماضي بلغت 3475 حالة طلاق.

ومن هذه النسب المتزايد عام بعد، لابد من معرفة أسباب ارتفاع نسب الطلاق في العراق وكيفية المعالجة, نتناولها مع المختصين والمختصات في هذا المجال في تقرير موسع.

أسباب الطلاق

حنان الجنابي

هناك عدة عوامل رئيسية تساهم بارتفاع ظاهرة الطلاق في العراق بحسب الباحثة المختصة في الشؤون الزوجية حنان الجنابي، منها الأوضاع الاقتصادية التي هي ليست السبب الوحيد لارتفاع حالات الطلاق بحسبها، بل هناك عوامل أخرى، مثل استخدام شبكات التواصل الاجتماعي، والخيانة الزوجية، والعنف الأسري.

وتسترسل حنان الجنابي في الحديث مع “روج نيوز”: أن “انتشار الظاهرة أصبح مشكلة تعود أسبابها إلى الجوانب الاجتماعية والاقتصادية، فضلاً عن الظروف التي مرت بالبلاد منها البطالة وأزمة السكن”.

وأضافت المختصة: أن “اختلال منظومة القيم وعدم احترام هذه الرابطة يعدان سببين رئيسين لاستشراء حالات الطلاق في المجتمع”، مشيرة إلى أن “الحد من انتشار ظاهرة الطلاق يحتاج إلى جهد كبير وتعاون من جميع الجهات المسؤولة إلى جانب دور التشريعات، ولا سيما أن القانون العراقي لا يجرم الطلاق خارج المحكمة”.

آثار الطلاق

افراح الزبيدي

وفي ظل الارتفاع المستمر لنسب الطلاق هناك تأثيرات سلبية على المجتمع العراقي، حيث يساهم الطلاق بتفكك أسري أكبر وخلق حالات بشرية ناقمة بحسب الخبيرة في علم الاجتماع افراح الزبيدي التي تحذر في الوقت ذاته من تغافل الجهات الحكومية عن الطلاق.

وتقول افراح الزبيدي لوكالة “روج نيوز”: إن “المجتمع العراقي يعاني من التصدعات والأزمات السياسية التي تؤثر مباشرة عليه، ليأتي الطلاق كأزمة جديدة تضاف للأزمات السابقة”، مشيرة إلى أن “ارتفاع نسب الطلاق يؤدي لتفكك أسري أكبر داخل المجتمع حيث يؤدي لعدم رعاية الأطفال والبنات من الأبوين المنفصلين عن الزواج مما يعرض هؤلاء الأطفال للعمالة القسرية أو التحرش والاستغلال الجنسي فضلاً عن تخلفهم من الالتحاق المدرسي وهذا أكبر العوامل السلبية داخل المجتمع كونه سيخلق طبيقة أمُية جديدة لترفع من نسب الجهل والأمية داخل العراق”.

معالجة الظاهرة!

عباس الكعبي

هناك طرق وحلول لمعالجة ظاهرة “الطلاق” في العراق وفق الخبير القانوني عباس الكعبي، قائلاً في تصريح لوكالة “روج نيوز”: إن “تجريم الطلاق خارج المحكمة أحد الحلول المساهمة في الحد أو إغلاق عدد كبير من حالات الطلاق، بالإضافة إلى تشريع قانون يمنع زواج القاصرين خارج المحكمة وتغريم من يقوم بهذا الفعل ومعاقبته”، لافتاً أيضاً إلى أن “زواج القاصرين وطلاقهم أصبح ظاهرة مُستشرية بشكل كبير، وأن علاجها يقع على عاتق الجهات الدينية والاجتماعية والتشريعية والجامعات والمدارس”.

ويشترط القانون العراقي أهلية الزوجين وإكمالهما سن الـ18 عاماً، وفي حال عدم بلوغ أحدهما السن القانونية يحق للقاضي أن يأذن بعد الاطلاع على أهليته وقابليته البدنية وأخذ موافقة وليه الشرعي.