الدولار الأميركي يعاود التحليق مرتفعاً ليهوي بالدينار العراقي من جديد… ما هي الأسباب؟

بغداد

من جديد عاودت أسعار صرف الدولار الأميركي مقابل الدينار العراقي إلى الارتفاع منذ الشهر الماضي لغاية الوقت الحالي، ولم تسجل أدنى الأسعار حتى وصل سعر الصرف إلى 147 ألف دينار مقابل 100 دولار، في حين يبلغ السعر الرسمي لسعر الصرف 132 ألف مقابل 100 دولار.

وفي شهر شباط الماضي صادق مجلس الوزراء، على قرار مجلس إدارة البنك المركزي العراقي بتعديل سعر صرف الدولار مقابل الدينار، بما يعادل 1300 دينار للدولار الواحد.

في الوقت الذي كان ينتظر الشارع العراقي قرارات حكومية تفضي لإعادة سعر صرف الدولار الى سابقه أوساط شعبية تفاجأت بارتفاع زاد الطين بلّة وأربك الحركة الاقتصادية ليكون المواطن الحلقة الأضعف فيه.

وبحسب الحكومة العراقية فقد اعتمدت موازنة 2023 سعر الصرف الجديد البالغ 130 ألف دينار، مبينا أن احتياطي العراقي ارتفع الى 115 مليار دولار، حيث أن قرار تعديل سعر صرف الدولار يتناسب مع نسبة الارتفاع الحاصل حالياً في الحساب الجاري لميزان المدفوعات العراقي.

القرار وفق تصريحات السوادني وقتها يؤازر توافر الاحتياطيات الأجنبية الرسمية الساندة للعراق التي لامست 115 مليار دولار.

وأكد رئيس الحكومة أن “قرار رفع قيمة الدينار العراقي سيؤدي إلى مكافحة الأنشطة والتوقعات التضخمية التي تفاقمت في الأشهر الثلاثة الأخيرة”، مبينا أن “موازنة 2023 ستعتمد سعر صرف 1300 دينار للدولار الواحد”.

ونتيجة لذلك لجأت الحكومة إلى خطة تقضي بفرض التعامل بالدينار العراقي في الأسواق ومحلات التجزئة في مختلف المحافظات، حيث بدأت شرطة محافظة كركوك (شمال بغداد) بأخذ تعهدات خطية من التجار وأصحاب معارض السيارات للتعامل بالدينار العراقي بدل الدولار.

وحذرت الأجهزة الأمنية من أن عدم الالتزام بذلك سيعرض التجار للمساءلة القانونية، في ظل الحديث عن تعميم هذه التجربة خلال الأيام القادمة، مما يمكن اعتباره سابقة في العراق منذ عام 2003، وهو ما قد يتسبب في مشكلات أمنية واقتصادية على اعتبار أن أغلبية التجار يرفضون التعامل بالدينار نظرا للفرق الكبير بين سعر الصرف الرسمي والموازي، وفق مراقبين.

إجراءات لازمة

وكان العراق قد شهد خلال السنوات الثلاث الأخيرة تذبذبا كبيرا في سعر صرف الدولار بعد أن رفعت حكومة رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي سعر الصرف من 1180 دينارا للدولار إلى 1450 في ديسمبر/كانون الأول 2020، فيما شهدت الأسواق الموازية ارتفاع سعر الصرف بصورة قياسية بعد بدء البنك المركزي باستخدام المنصة الإلكترونية والامتثال لمعايير التحويلات المالية الدولية “سويفت” (SWIFT) في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.

وأدى هذا التذبذب إلى وصول سعر الصرف الموازي إلى 1700 دينار للدولار في ديسمبر/كانون الأول ويناير/كانون الثاني وفبراير/شباط، مما دفع الحكومة -التي يرأسها محمد شياع السوداني- لتعديل سعر الصرف الرسمي مجددا إلى 1320 دينارا للدولار، مما أسهم في تراجع سعر الدولار بالأسواق الموازية دون أن يصل إلى السعر الرسمي المعلن”.

لماذا ارتفع مجدداَ؟

في الحديث عن ذلك قال المستشار المالي للحكومة العراقية مظهر محمد صالح: إن “أسباب ارتفاع أسعار صرف الدولار مجددًا يعود إلى السياسات الحكومية الأخيرة عبر منصة بيع العملة في البنك المركزي أدت إلى تراجع سعر صرف الدولار، مضيفًا أن” عصابات الجريمة المنظمة استمرت في تهريب العملة الاجنبية للخارج وهذا يؤدي لارتفاع سعر الصرف حتى وصل 1447 دينار مقابل 1 دولار اي 147 الف دينار لكل 100 دولار”.

وفي حديثه مع “روج نيوز” يعتقد صالح: بأن “هذا الارتفاع سيكون مؤقتا في حال الحكومة بدأت فعليا بالحد من هذه الظاهرة الا هي التهريب، والدينار سيعوج للارتفاع قريبا”.

مظهر صالح

فيما أشار المستشار إلى أن “عدم المعرفة الواسعة لدى العراقيين باستخدام بطاقات الائتمان تسببت في هذه المشكلة ارتفاع اسعار الصرف للدولار ، وعلى الحكومة البدء بسلسلة إجراءات للحد من تهريب هذه البطاقات”.

ولفت صالح إلى أن “الأسواق الموازية تشهد ارتفاعا أكبر في سعر صرف الدولار، وأن سعر الصرف قد يصل إلى نحو 1700 دينار للدولار قريبا، مبررا ذلك بأن البنك المركزي بدأ مؤخرا بتطبيق المرحلة الثانية من اعتماد المنصة الإلكترونية في مزاد بيع العملة وإخضاع جميع التحويلات المالية للأفراد عبر “ويسترن يونيون” (Western Union) والبطاقات الائتمانية للمنصة الإلكترونية.

وأن بدء هذه المرحلة جاء بعد إخضاع جميع البنوك والحوالات التجارية للمنصة، وأن تطبيق هذه المنصة على الأفراد سيرفع سعر الصرف في الأسواق الموازية”.

أين تذهب فروقات سعر الصرف؟

في الأثناء. هناك تخوف من ضياع فروقات سعر صرف الدولار الأميركي مقابل الدينار العراقي؟، ويجيبنا عن هذا التساؤل الباحث الاقتصادي نبيل العلي: “لكون بيع الدولار اليوم يتم لصالح التجار المستوردين بصورة مباشرة، تجري هذه الايام حوالات للتجار بما يقارب ٧٥٪؜ من التجارة والاستيراد بالسعر الرسمي، بمعنى أخر يتم استيراد ٧٥٪؜ من البضائع الحالية بسعر ١٣٢٠، ومن المفترض ان لا تتأثر الاسواق بمتغيرات وتقلبات سعر الصرف الموازي حتى ان وصلت اسعار الصرف الى ٢٠٠٠ دينار للدولار الواحد”.

نبيل جبار العلي

وأضاف في تصريح لوكالة “روج نيوز”: “ما قبل تنفيذ منصة البنك المركزي، كانت المصارف مستفيدة بشكل مباشر من كل الفروقات بين السعر الرسمي والسعر الموازي، وذلك لأن المصارف في وقت سابق تحتكر عملية اجراء الحوالات وتبيع الحوالات للتجار وفقا لأسعار السوق الموازي”.

وبين العلي: أنه “فقط ٢٥٪؜ حاليا من استيرادات العراق الحالية متأثرة بتقلبات سعر الصرف لكونها تنفذ دون المرور بمنصة البنك المركزي ، وهذه النسبة في تناقض”.