السعودية لاعب رئيسي في المنطقة… هل سيمضي مشروع “التنمية” ام يصطف مع “الشام الجديد”؟

بغداد

بدأت المسارات في منطقة الشرق الاوسط، تتجه الى خطوط قد تقلق ادارة بايدن خاصة انها حدثت في وقت يشهده العالم، حرباً بين روسيا واوكرانيا المدعومة من اميركا.

فقد كانت بوادر نقاط هذا التغيير التي اخذت بلدان الشرق الاوسط تسير نحوها بعد انعقاد القمة السعودية الصينية التي انطلقت اواخر العام الماضي.

ففي 10 آذار/مارس 2022 وقعت إيران والسعودية اتفاقاً بعد قطع العلاقات منذ سنة 2016، بوساطة الصين التي لها “مصالح اقتصادية في المنطقة”، وفق الإعلام الإسرائيلي.

وحينها استقبلت الرياض، وزير الخارجية السوري فيصل المقداد، بعد مقاطعة طويلة لدمشق، في خطوة خطوة تهدف لإعادة سوريا إلى حضن الدول العربية. وفي نفس الوقت، أعادت تونس وسوريا السفيرين لدى كلٍ منهما.

وفي جناحٍ آخر في الخليج، عيّنت إيران سفيراً لدى الإمارات، بعد سنواتٍ من التوتر. وفي موازاة ذلك، أعلنت قطر والبحرين عن استئناف العلاقات الدبلوماسية بينهما.

هذه التفاهمات والتحالفات التكتيكية الجديدة التي ظهرت في منطقة الشرق الاوسط، تفيد بان المنطقة تتجه نحو نسيج قوي لاعبه الرئيسي هي الرياض.

وقبل ايام، أكد القادة العرب في البيان الختامي للقمة العربية العادية في دورتها الثانية والثلاثين، التي انطلقت في جدة، وسط أجواء تفاؤلية وتوافقية على ضرورة التكاتف لحل قضايا الأمة.

وعلى رأس تلك القضايا كانت قضية الشعب الفلسطيني ودعم المبادرة العربية لحل الدولتين والأزمات المستجدة في السودان وليبيا، فضلا عن قضايا اليمن وسوريا ولبنان، كما شدد البيان على توحيد المواقف في علاقات الدول العربية بمحيطها الإقليمي والدولي.

وتضمن البيان الختامي للقمة أكثر من 32 بندا لمختلف القضايا الملحة في العالم العربي، بدءًا من القضية الفلسطينية والأزمة السورية والوضع اللبناني، مرورًا بالملف الإيراني، وصولاً إلى قضايا البيئة والأمن السيبراني، والملفات الاقتصادية والاجتماعية.

وقد اكدت الجامعة العربية في بيانها، مركزية القضية الفلسطينية للأمة العربية جمعاء، والهوية العربية للقدس الشرقية المحتلة، عاصمة دولة فلسطين، وحق دولة فلسطين في السيادة المطلقة على أرضها المحتلة عام 1967 كافة، بما فيها القدس الشرقية، وأهمية تفعيل “مبادرة السلام العربية”.

يبدو ان التشكيلة الجديدة التي ظهرت في دول الخليج العربي ومنها العراق، امرا مثيرا بالنسبة لامريكا وحلفائها في زمن يشهده العالم، صراعاً اقتصاديا بالتحديد.

ففي (19 اكتوبر 2022)، صوّتت السعودية، أكبر منتج للنفط في “أوبك”، لمصلحتها، ولمصلحة روسيا أيضاً، وبالضد من المصالح الغربية؛ في وقت يسابق فيه بايدن الزمن لمواجهة التضخّم، وارتفاع أسعار الوقود، ما يقلّل فرص الحزب الديمقراطي بالحصول على أغلبية في الكونغرس، وربما مجلس الشيوخ أيضاً، ويُمضي فترة ولايته رئيساً بدون فاعلية بسبب وجود أغلبية تشريعية معارضة له، تبطل قراراته، وهو ما يسمّى في السياسة الأميركية “البطّة العرجاء”.

هذا التمرد السعودي الذي حدث لأول مرة، يقود الى تغييرات جديدة في منطقة الشرق الاوسط وهذا ما برز بعد انعقاد قمة جديد بأيام، يوم أمس في العاصمة بغداد التي شهدت فعاليات مؤتمر التنمية حيث أطلق العراق مشروعا بقيمة 17 مليار دولار لربط ميناء مهم للسلع على ساحله الجنوبي بالحدود مع تركيا عبر مد شبكة سكك حديدية وطرق، في خطوة تهدف إلى تحويل اقتصاد البلاد بعد حروب وأزمات لعقود.

ويهدف طريق التنمية إلى ربط ميناء الفاو في جنوب العراق الغني بالنفط بتركيا، ليحول البلاد إلى مركز عبور باختصار وقت السفر بين آسيا وأوروبا في محاولة لمنافسة قناة السويس.

لكن هل يحقق هذا المشروع منافع كبيرة جدا للعراق خصوصا والمحيط الاقليمي عموما ام يترك مع مشروع “الشام الجديد” الذي حصل في عهد رئيس الوزراء العراقي السابق مصطفى الكاظمي؟

وفي تعليق للكاتب العراقي رياض محمد يقول فيه: “بغض النظر عن المبالغات المعهودة سواء بالعائدات او فرص العمل المتوقعة، انا اعتقد ان انجاز طريق التنمية خطوة مهمة تحسب للحكومة ان كانت جادة فعلا في ذلك. هناك ملاحظات: الاولى ان العراق بشكل عام يحتاج لتحديث بناه التحتية في مجال المواصلات وخصوصا السكك الحديدية والمطارات والخطوط الجوية وكذلك الطرق السريعة وانشاء مترو في بغداد وهذه ستخدم العراقيين وغير العراقيين من الزائرين.

ثانيا: لكي ينجح هذا المشروع ولا يتحول الى مشروع وهمي اخر او مجرد اضغاث احلام او عقد متعثر، انصح بالية مختلفة في التعاقد لإنجاز المشروع. الدولة العراقية غارقة في فساد لا قرار له وربما من الافضل ان تتخلى عن دورها بالكامل لشركة او شركات اجنبية من دول تحرم تشريعاتها دفع الرشى للحصول على العقود وتتولى الموضوع من الالف الى الياء!

ثالثا: السؤال هو: هل ستترك الاحزاب والجماعات المتنفذة والعشائر والسيطرات (الحواجز)…الخ هذا الطريق لينشأ وهل سيتركون البضائع والمسافرين بسلام – مثل باقي الكوكب – ام ان كل منهم سيطالب ب(حقه) من (الغنيمة)؟