مركز الأخبار
بعد ست سنوات من استفتاء الاستقلال الفاشل، زار مسعود البارزاني بغداد الأسبوع الماضي في خطوة أثارت العديد من التساؤلات والشكوك. تزامنت الزيارة مع تصعيد العمليات العسكرية التركية في إقليم كردستان، مما أثار مخاوف من تأثيرات هذه التحركات على سيادة الإقليم ومستقبله.
زار مسعود البارزاني، رئيس حزب الديمقراطي الكردستاني، العاصمة العراقية بغداد الأسبوع الماضي، بعد مرور ست سنوات على استفتاء الاستقلال الفاشل الذي نظمه حزبه. تأتي هذه الزيارة في وقت لا توجد فيه مشاكل سياسية عالقة بين إقليم كردستان والحكومة العراقية تستدعي مثل هذه الزيارة.
وفقاً لمصادر مطلعة، هناك ثلاثة أسباب رئيسية وراء زيارة البارزاني إلى بغداد: المصالح الشخصية لحزبه، إنشاء رابطة تأييد لدولة الاحتلال التركي، وجمع شمل وتنظيم البيت السني في العراق. هذه الأسباب تثير قلقاً كبيراً بشأن تداعيات هذه الزيارة على إقليم كردستان.
خلال وجود البارزاني في بغداد، كثفت القوات التركية عملياتها العسكرية داخل إقليم كردستان، حيث أدخلت ارتالاً عسكرية كبيرة تشمل مئات الدبابات والمصفحات وما يقارب ألف جندي تركي بعمق 40 كيلومتراً في أراضي الإقليم. هذا التصعيد دليل على أن هناك تنسيقاً وتزامناً بين زيارة البارزاني إلى بغداد وعمليات دولة الاحتلال التركي.
أحد النوايا المخفية للبارزاني في زيارته إلى بغداد كان تشكيل رابطة تأييد للعمليات الاحتلالية التركية داخل أراضي إقليم كردستان، مما جعله يظهر وكأنه ممثل للرئيس التركي رجب طيب أردوغان عند لقائه المسؤولين هناك. وحاول البارزاني إسكات الجهات السياسية العراقية حيال موضوع هجمات دولة الاحتلال التركي بقيادة أردوغان.
بالتزامن مع زيارة البارزاني إلى بغداد، كثفت دولة الاحتلال التركي وجودها العسكري داخل أراضي إقليم كردستان، وخصوصاً في حدود محافظة دهوك، حيث قامت بقصف القرى المحيطة. وبسبب السياسات الخاطئة للبارزاني، باتت دولة الاحتلال التركي تتحكم بمحافظة دهوك بشكل كبير، مما جعلها تبدو وكأنها إحدى الأقاليم التركية.
بحسب معلومات حصلت عليها وكالة روج نيوز، أعلن البارزاني أثناء اجتماعاته مع القادة العراقيين أن العمليات العسكرية التركية ليست بهدف احتلال الأراضي العراقية، بل لإنهاء حزب العمال الكردستاني. ولتفادي الكشف عن مطالبه، لم يسمح البارزاني لأي من القيادات الكردية بالمشاركة في تلك الاجتماعات، باستثناء أعضاء من حزبه، خوفاً من فضح نواياه أمام الرأي العام.
وأوضحت المعلومات التي حصلت عليها وكالة روج نيوز من أحد القادة الكرد أن البارزاني طالب القادة السياسيين العراقيين بالالتزام بالصمت حيال التحركات العسكرية التركية، مشيراً إلى أن جميع الجهات السياسية في إقليم كردستان التزمت الصمت ولا ترغب في الانخراط في الحرب بين حزب العمال الكردستاني وتركيا.
دعا رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني إلى عدم إبداء أي ردود أفعال ضد العمليات التركية، مدعياً أن من حق تركيا الدفاع عن أمنها كما فعل العراق عند مواجهة داعش، حيث تعاون الجميع – البيشمركة، الجيش والحشد – للدفاع عن العراق.
بهذه الأقوال، أثبت البارزاني انشغاله بالقضاء على كيان إقليم كردستان، حيث لم يقتصر دوره على التعاون مع دولة الاحتلال التركي، بل سعى أيضاً إلى إنشاء رابطة تأييد لعملياتها العسكرية، محاولاً إسكات الجهات الأخرى من خلال تقديم الامتيازات والرشاوي.
يُطرح السؤال هنا: لماذا يقوم الحزب الديمقراطي الكردستاني بكل هذا من أجل دولة الاحتلال التركي؟ خاصة أن المناطق التي احتلتها تركيا هي مناطق نفوذ الحزب الديمقراطي الكردستاني نفسها، وتعتبر مناطق حيوية تجارية واقتصادية ومالية للحزب ولعائلة البارزاني.
قسم من المحللين السياسيين العراقيين أشاروا إلى أن البارزاني قام بزيارة بغداد ليس كرئيس لحزب سياسي لمعالجة المشاكل العالقة بين هولير وبغداد، بل كممثل ووسيط لدولة غازية ومحتلة، حاملاً رسالة سياسية خاصة من تركيا.
وأشار المحللون إلى أن البارزاني حاول من خلال زيارته إلى بغداد إبعاد أنظار الإعلام والجمهور عن العمليات العسكرية التركية، وتسليط الضوء على زيارته، لكن هذا لن يغير من حقيقة انتهاك السيادة العراقية واحتلال أراضيها.
وتعليقاً على هذه التطورات، قال اللواء نهرو أسود من قوات البيشمركة: “نستنكر تلك العمليات والاعتداءات. يجب على حكومة تصريف الأعمال أن تتخذ موقفاً صارماً ضد هذه الانتهاكات، ولكن للأسف، هناك جهات تسهل تقدم القوات التركية”.
وأشار اللواء نهرو إلى أن زيارة البارزاني إلى بغداد تهدف إلى تشكيل رابطة تأييد للعمليات العسكرية التركية داخل إقليم كردستان، وكأنه ممثل للرئيس التركي رجب طيب أردوغان في هذه الاجتماعات. وأضاف أن الهدف الخفي هو إقناع القادة العراقيين بالصمت حيال هذه العمليات.