استمرار لعبة “جورابينە” الكردية.. تراث شعبي يجمع الأجيال في ليالي الشتاء الطويلة

مركز الأخبار

تستمر لعبة “جورابينە” الكردية، التي تعد من أقدم الألعاب الفلكلورية، في الحفاظ على مكانتها في الثقافة الكردية رغم التطور التكنولوجي الذي يشهده العصر الحالي.

اللعبة التي تمارس في ليالي الشتاء الباردة داخل المنازل الكردية، تظل تجمع العائلات في أجواء من المرح والتسلية، وتعتبر واحدة من أبرز الألعاب الشعبية التي تربط الأجيال القديمة بالجديدة.

قانیع مەلاويقول قانع ملا، أحد اللاعبين القدامى في هذه اللعبة، إن “جورابينە” لها تاريخ طويل في الثقافة الكردية، حيث كانت تمارس من قبل الأجداد في ليالي الشتاء، وكانت جزءًا من التقاليد العائلية التي لا يمكن الاستغناء عنها. ويضيف قانع أن هذه اللعبة كانت تُمارس أساسًا بين كبار السن، لكن اليوم أصبحت أكثر شعبية بين الأجيال الشابة، الذين لا يزالون يحرصون على ممارستها في الأوقات الخاصة.

وتُعد لعبة “جورابينە” من الألعاب الفكرية التي تعتمد على التعاون والمنافسة بين الفريقين، حيث يتبارى فريقان باستخدام حبال مصنوعة من القماش. يُشجع اللاعبون على التفكير والتخطيط أثناء اللعبة، مما يساهم في تعزيز الروابط بين الأفراد وتقوية العلاقات الاجتماعية. يتم تنفيذ اللعبة في جو من التحدي والمرح، مما يجعلها مناسبة للعائلات التي ترغب في قضاء وقت ممتع في فصل الشتاء.

مەحموود محەمەدمن جانبه، أكد محمود محمد، أحد المهتمين بالتراث الكردي، أن “جورابينە” تحمل قيمة ثقافية كبيرة، وهي تعلم الأجيال الشابة أهمية التعاون والعمل الجماعي، بالإضافة إلى كونها وسيلة جيدة للهروب من عالم التكنولوجيا والألعاب الإلكترونية التي تهيمن على حياة الشباب اليوم. وأضاف محمود أن هذه اللعبة هي جزء أساسي من حياة العديد من العائلات الكردية، خاصة في المناطق الريفية الشرقية من كردستان، حيث تتم ممارستها في القرى النائية والمناطق الحدودية.

ومع تقدم الزمن، لا تزال لعبة “جورابينە” تحافظ على رونقها وجاذبيتها، فهي لا تقتصر على كونها مجرد لعبة شعبية، بل هي جزء لا يتجزأ من التراث الثقافي الكردي الذي ينتقل من جيل إلى جيل. وتجمع اللعبة الأفراد في أوقات الفراغ، مما يساهم في تعزيز اللحمة الاجتماعية والروابط الأسرية، ويعكس التقاليد الكردية العريقة.

في ختام حديثه، أكد العديد من المهتمين بالتراث الكردي ضرورة الحفاظ على هذه الألعاب التقليدية، التي تساهم في نشر الثقافة الكردية بين الأجيال الجديدة. كما دعا البعض إلى زيادة الاهتمام بإحياء هذه الألعاب الشعبية، وعدم السماح لهيمنة الألعاب الإلكترونية على ثقافة الشباب.

وتبقى لعبة “جورابينە” رمزًا حيًا للتراث الكردي الشعبي، تجسد التاريخ العريق لهذه الأمة، وتعكس القيم الاجتماعية والثقافية التي تسعى المجتمعات الكردية إلى الحفاظ عليها ونقلها للأجيال القادمة.