مخيم مخمور وحصار الحكومة العراقية

مركز الأخبار

يعتبر مخيم للاجئين الشهيد رستم جودي (مخمور) الذي تأسس في عام 1994 لاستقبال اللاجئين من شمال كردستان، بسبب القمع والتعسف الذي تعرض له السكان من قبل الحكومة التركية،  شاهداً حياً على المجازر والجرائم التي ارتكبتها ولاتزال ترتكبها الدولة التركية بحق الشعب الكردي.

يوجد في المخيم حوالي 12 ألف نسمة من شمال كردستان، استقر سكان المخيم في مخمور بعد رحلة طويلة مليئة بالاعتداءات والصعوبات، ويعيشون منذ عام 1994، في مخيمات بيهره، شيرانيش، بيرسيفه، جلية قيامة، إتروش، نينوى ونهدران، بالإضافة إلى المعاناة الكبيرة التي عاشها العديد من الأطفال والشيوخ والنساء وأدت لفقدانهم لحياتهم، يواجه اللاجئون العديد من الهجمات

بدأت قصة اللاجئين الكرد من اهالي مناطق شمال كردستان، بعدما فروا  من هجمات الدولة التركية على قراهم و مدنهم في عام 1993 ، حيث دمر الآلة العسكرية التركية منازلهم و أحرقتها، و راح الآلاف من المواطنين ضحايا تلك الهجمات التي اعتبرتها حركة التحرر الكردستانية بمثابة حملة إبادة الشعب الكردي.

عقب اضطراهم للنزوح من شمال كردستان بسبب القمع والظلم الذي تعرضوا له على يد الدولة التركية عام 1994،  وجد سكان مخيم  مخمور أنفسهم  يرزحون تحت ضغوط وقيود حكومتي الإقليم والعراق، عبر فرض حصار على المخيم منذ 2019، إلى جانب عدم تجديد بطاقات الهوية لقاطنيه، وفرض قيود على بناء المنازل وغيرها من الأمور.

فراراً من الهجمات التركية الشرسة، نزح الآلاف من مواطني المدن الكردستانية وقراها في شمال كردستان وخاصة الحدودية منها كجولميرك و شرناخ، اطفالاً و نساءاً وشيوخاً سيراً على الأقدام ووسط ثلوج الشتاء، إلى مناطق جنوب كردستان(إقليم كردستان العراق)، وخيم قسم منهم في سهل زاخو في محافظة دهوك و آخرون في منطقتي شارنيش و بهيري الوقاعتين في منطقة حفتانين الحدودية.

الدولة التركية لم تكتفي بملاحقتهم في حدود أراضي شمال كردستان بل و شنت هجوماً على تلك المناطق التي استقر فيها اللاجئون آنذاك، وسط مواجهتهم أصعب الظروف المعيشية، فارق العديد من النازحين حياتهم جراء الهجمات التركية المتكررة و بالتعاون مع حزب الديمقراطي الكردستاني على مكان استقرارهم بمناطق زاخو، لذا اضطر النازحون التوجه الى منطقة بهيري و شارنيش، و بعدها بفترة من بقائهم في المنطقتين تعرضوا مرة أخرى للقصف الجوي التركي و الذي أسفر أيضاً عن سقوط الكثير من الضحايا و تدمير ما بنوه و ما جمعوه لمواصلة الحياة.

الهجرة المستمرة

و بعد تعرض المخيمان في بهيري و شارنيش للهجوم  عام 1994 لم يبق بيد النازحين حيلة سوى التوجه الى مناطق اكثر عمقاً في إقليم كردستان تفاديا للهجمات التركية و ابتعاداً عن الحدود، وخيموا للمرة الثالثة في منطقة بيرسف التابعة لزاخو ، حيث بقيوا فيها لأشهر ، و بسبب صعوبة الأوضاع التقى ممثلون عن اللاجئون مع مسؤولين في مفوضية الامم المتحدة بغرض تأمين مكان آمن لهم، ونتيجة لتلك اللقاءات قررت الأمم المتحدة تقديم الدعم لهم في 1995 و أمنت لهم مخيمين في اتروش العليا و السفلى وخضعتا لرعاية الأمم المتحدة، و خلال تلك الفترة عزم اللاجئون على تحسين ظروف معيشتهم وبناء أسس حياة آمنة، لكن لم يكن هذا ممكن تحت ضربات الجيش التركي.

ففي عام 1995 فرضت سلطات الحزب الديمقراطي الكردستاني حصاراً على أهالي المخيمين و لم تسمح لهم بإدخال المواد او التنقل منها و إليها بحرية، ليس هذا فحسب بل تطور الحصار إلى تعاون الديمقراطي مع الدولة التركية التي شنت هجوماً على المخيمين و أسقطت ضحايا آخرين رغم خضوع المخيمين لرعاية الأمم المتحدة وسط صمت دولي.

مخيم نينوى

كانت الامم المتحدة جمعت المخيمين بمخيم واحد في أتروش السفلى كونها تبتعد أكثر عن المناطق الجبلية الحدودية و أقل عرضة للهجمات التركية، و في عام 1997 شنت الدولة التركية هجوماً موسعاً على حركة التحرر الكردستانية المناهضة للفاشية التركية، و اصبح المخيم الذي اُعتقد أنه سيكون بمأمن عرضة للهجمات ، مما اجبر اللاجئون التوجه هذه المرة إلى مناطق نينوى ليستقروا بمخيم أطلق عليه اسم “نينوى” وخضعت أيضاً لرعاية الأمم المتحدة.

مخيم نهداران

خرج اللاجئون من مخيم نينوى في آواخر عام 1997 بعد تلقيهم معلومات بأن المخيم سيتعرض للهجوم التركي ، ليتوجهوا إلى منطقة تقع بين مناطق إقليم كردستان و العراق بالقرب من الموصل ، حينها طالب اللاجئون من الحكومة العراقية بتأمين مساحة أراضي آمنة لهم لكن الاستجابة تأخرت وجاءت في مطلع عام 1998، وقبلت بتخصيص منطقة لهم بالقرب من قضاء مخمور ليكون هذا المخيم آخر حلقات سلسلة المعاناة المتنقلة، وأصبح مخيماً رسمياً تحت رعاية الأمم المتحدة و مفوضية اللاجئين فيها ، ليبدؤا حياة شبه مستقرة وبجهود شبه ذاتية بنوا جدرانهم و أسقفهم و زرعوا و ربوا الماشية و سمي المخيم باسم الشهيد رستم جودي مؤخراً.

ظهور داعش وتضحية أهالي مخمور

ومع ظهور داعش في المنطقة باشر أهالي المخيم بتشكيل قوات أمنية ذاتية عام 2014 هدفها حماية المواطنين من هجمات مرتزقة داعش، وكانت لهذه القوات دورا كبيرا ضحت بالعشرات من أبناءها في سبيل حماية أنفسهم وأهالي المنطقة من هجمات داعش.

الهجمات والحصار الأخير

لم تتوقف الدولة التركية عن التهديد، وبالتوافق مع سلطات هولير حاولت مراراً فرض حصار على المخيم و شل حركة أهاليه ما يشكل  عائقًا أمام سير حياتهم اليومية.

الاجتماعات العراقية التركية

وجاء تشديد الحصار على المخيم عقب اجتماع وزير خارجية النظام التركي هاكان فيدان مع مسؤولين عراقيين، إذ أن جميع الاجتماعات التي تعقد بين تركيا والعراق ، لها تأثير مباشر على مخيم مخمور، لوجود العديد من الاتفاقيات السابقة بين تركيا والعراق تخص المخيم”.

الطلاب والتسجيل في الجامعات

كما ولا يسمح لطلاب  المخيم بالتسجيل في الجامعات على الرغم من أن الحكومة العراقية قد وعدت مرات عديدة بحل أزمة الطلاب، إلا أن الدراسة هذا العام أيضًا تُستكمل، ولم تُفتح أبواب الجامعات أمامهم.

بيان الرئاسة المشتركة لمجلس الشعب في مخيم

وأصدرت الرئاسة المشتركة لمجلس الشعب في مخيم الشهيد رستم جودي (مخمور) ، قبل أيام بياناً بشأن الحصار المفروض على المخيم من قبل الحكومة العراقية.

وقالت في البيان إلى “إن الضغوط على المخيم ازدادت مع الاجتماعات الأخيرة بين العراق وتركيا، وجاء فيه: “رغم دعوة القائد إلى إرساء السلام وبناء مجتمع ديمقراطي، فإن الاجتماعات بين الدولتين التركية والعراقية لا تخدم أي غرض من الحل السياسي؛ بل على العكس، إنها تزيد من ضغوطها على المخيم ورغم اعتماد مخيمنا على الحكومة العراقية أمنيًا وإداريًا، إلا أن العراق غير مستعد لحل مشاكل سكان المخيم، كالصحة والتعليم والبنية التحتية والإدارة والقانون”.

كما أشارت الرئاسة المشتركة لمجلس الشعب أنه مع مرور عامين، يعاني المخيم من مشاكل إدارية، بالإضافة على عدم تسجيل الأطفال المولودين حديثاً وذلك بسبب امتناع الحكومة عن توزيع البطاقات الشخصية.

وتطرق البيان أيضاُ إلى العديد من الأمراض المزمنة التي يعاني منها المرضى، الذين لا يمكنهم الحصول على أدويتهم ولا يمكنهم استخدام بطاقات الهوية للذهاب إلى المستشفى.