“حصانة غير معلّنة” للوجود التركي في العراق والسوداني في أنقرة للقاء أردوغان

بغداد- وسام الزهروني 

تتواصل التحذّيرات العراقية من استمرار التواجد التركي في إقليم كردستان وسط اتهامات مباشرة لرئيس الوزراء محمد شياع السوداني بمنح “حصانة” للجيش التركي تسهل له التمدد داخل أراضي البلاد دون رادع.

وتأتي تلك الاتهامات في الوقت الذي قام فيه السوداني بزيارة رسمية إلى تركيا من المقرر أن يلتقي رئيس  النظام التركي أردوغان لمناقشة جملة ملفات أمنية واقتصادية من بينها- بحسب مراقبين- عقد اتفاقيات تتعلق بترتيبات تخص التواجد التركي في العراق.

وبعد التصريح المثير للجدل، حول منح حكومة محمد شياع السوداني، الحصانة للجنود الأتراك في احتلالهم للأراضي العراقية، وعدم محاسبتهم على أي خرق يصدر منهم، نفت لجنة العلاقات الخارجية النيابية وصول أي اتفاقية للبرلمان لغرض التصويت عليها قبل توقيع الحكومة عليها.

وإلى جانب موقف اللجنة، فقد أكد مراقبون على ضرورة عدم توقيع الحكومة للاتفاقيات دون العودة للبرلمان، وهو ما أكده خبير قانوني، وأوضح أن طبيعة الأزمات التي من الممكن أن يتعرض لها لرئيس الحكومة في حال تجاهله الموقف النيابي حول أي معاهدة أو اتفاقية يبرمها بشكل منفرد، لكن بالمجمل فإن اللجنة والمتخصصون عبروا عن رفضهم للتواجد التركية والآليات المتبعة معه.

الموقف النيابي

ويقول النائب عامر الفايز، في تصريح لـ”روج نيوز”، إن “أي اتفاقية مع تركيا، يجب أن تعرض على البرلمان وأن تتم مناقشتها والتصويت عليها لمنحها الإذن بذلك، لكن الاتفاق الأخير لم يصل للبرلمان”.

ويضيف أنه “بكل الأحوال الوجود التركي مرفوض بكل أشكاله، ومجلس النواب قال كلمته في أكثر من مناسبة، وعبر عن رفضه لأي تدخلات تركية أو شن عدوان على محافظات الشمال”.

وتابع أنه “يجب على تركيا احترام سيادة العراق والكف عن العمليات العدوانية”.

وكان النائب ياسر الحسيني، كشف يوم أمس، أن العراق لا يستطيع محاسبة القوات التركية في حال ارتكابها لأخطاء، فكل هذا كان بعلم ودراية واتفاق وقّع مؤخرا في العام الماضي عندما اتفقت حكومة السوداني مع الجانب التركي وأعطت حصانة وتمكين للجيش التركي لتواجده على الأراضي العراقية بحجة مركز التنسيق المشترك ما بين العراق وتركيا.

وتابع الحسيني، أنه من ضمن الاتفاق، هناك فقرة تشير إلى أن القضاء العراقي هو الفيصل بالإجراءات بين الطرفين، وكذلك محاسبة المنتسبين من هذه القوات التركية في حال ارتكبوا أخطاء، لكن تم رفع هاتين الفقرتين.

ووقع العراق العام الماضي، اتفاقيات عدة مع تركيا، خلال زيارة  أردوغان لبغداد، وكانت الأمنية من أبرزها، دون الإفصاح في حينها عن بنودها.

واستمر توقيع الاتفاقيات حتى العام الحالي، حيث شهد الاجتماع الخامس للآلية الأمنية رفيعة المستوى بين العراق وتركيا، الذي عُقد في مدينة أنطاليا التركية، الشهر الماضي، تأكيدا على الاتفاقيات السابقة، وجرى توقيع أخرى جديدة بمجال الأمن.

محاسبة الحكومة

من جانبه، يبين المحلل السياسي، حيدر عرب الموسوي، في تصريح لـ”روج نيوز”، أن”أي اتفاقية تعقدها الحكومة مع طرف آخر يجب ان تكون تحت مظلة البرلمان، والحديث عن هكذا موضوع من قبل نواب بحد ذاته، يتطلب محاسبة الحكومة العراقية إذا ما ذهبت باتجاه التوقيع والسماح لقوات أجنبية بالتواجد على أراض عراقية”.

ويؤكد أن “هذا مخالفة واضحة من الحكومة بعدم العودة للبرلمان وأخذ موافقته على هكذا أمور”، مبينا أن “هذه النقاط تحتم على الحكومة أخذ الموافقات من البرلمان، ومن ثم وضع شروط تلزمها بتطبيق الاتفاقية وفق ما تم التصويت عليه، ولا يحق للحكومة أن تذهب بعيدا بهذا الجانب”.

وكان قائد الشعب الكردي عبدالله أوجلان، دعا قبل شهرين إلى حلّ حزب العمال الكردستاني والتوجه للنضال السياسي، في إشارة إلى رسالة السلام التي وجّهها من إمرالي والتي تُعد واحدة من أبرز الدعوات للحل السياسي في المنطقة.

ولم تلتزم تركيا بعملية السلام التي أطلقها أوجلان، واستمرت بعمليات القصف بشكل مكثف موقعة خسائر بشرية ومادية كبيرة، وسط صمت عراقي غريب.

وتتوغل تركيا منذ سنوات في العراق، وأسست أكثر من 100 قاعدة عسكرية، حسب ما أعلن مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي، وتنفذ عمليات قصف يومية تطال المدنيين والقرى في دهوك.

ولم يتخذ العراق حتى الآن، أي تحرك جدي لإحياء هذه المباردة، باستثناء بيانات الترحيب بها، حيث لم يتوجه لوساطات أو يراقب تنفيذ بنودها.

الآليات القانونية

إلى ذلك، يبين الخبير القانوني، وليد التميمي، في تصريح لـ”روج نيوز”، أن “الدستور العراقي اهتم كثيرا بموضوع الاتفاقيات الدولية  وذكرها في المادة 61 رابعا، حيث تحدث عن اختصاصات مجلس النواب والمادة 73 تحدثت عن صلاحيات رئيس الجمهورية أما المادة 80 منه تتحدث عن ما يمارسه مجلس الوزراء، من التفاوض بشأن المعاهدات الدولية والتوقيع عليها أو من يخوله”.

ويؤكد أن “العراق لديه قانون عقد المعاهدات الدولية لسنة 2015، حيث ألغى القانون السابق أذن رئيس الوزراء، وأصبح ملزما باحترام نصوص الدستور، لكن مع الأسف لم تقيد هذه المادة رئيس الوزراء”، مبينا أن “القانون الملزم لرئيس الوزراء هو قانون عقد المعاهدات، وفي حال وقع على اتفاقية او معاهدة، دون العودة للبرلمان فسيقع في أزمة”.

ويوضح أنه “أي في حال إذا أبرم رئيس الوزراء معاهدة بحسب صلاحياته، وعاد للبرلمان بعدها للحصول على قانون لها داخل العراق، والبرلمان رفض، فسيقع رئيس الوزراء بأزمة، لأن الجانب الدولي الآخر غير ملزم بعدم التزام الحكومة منذ البداية بالتوقيع دون العودة للبرلمان”.