مركز الأخبار
أكد عضو الهيئة الادارية لمركز روجافا للدراسات الاستراتيجية كرديار دريعي أن نداء السيد عبدالله أوجلان للسلام والديمقراطية واستجابة الحزب له لا ينبع حالة ضعف أو استسلام للدولة التركية، حيث جاء ذلك في ظل صعود قوة الحزب والقضية الكردية، وشدد على ضرورة ضمان تركيا لحرية القائد لإثبات جديتها في العملية.
عقب عملية دامت عدة أشهر قادها القائد عبدالله أوجلان من سجن جزيرة إمرالي، وصلت عملية السلام يوم أمس إلى منعطف تاريخي حيث أعلن حزب العمال الكردستاني نتائج مؤتمره الـ 12 وأعلن الحزب انتهاء مرحلة الكفاح المسلح الذي دام لعقود طويلة وأسس لمرحلة النضال السياسي الذي بدأ اليوم .
اليوم تبدأ مرحلة جديدة بإيدي رفاق الشهيد معصوم قورقماز (عكيد) نضال سياسي لم يكن لولا الكفاح المسلح الذي بدأ مع أول رصاصة أطلقها عكيد قورقماز، مرحلة تاريخية من نضال الشعب الكردي لنيل حقوقه المشروعة، الذي دفع ثمنه تضحيات كبيرة .
حول المؤتمر وأهمية القرار الذي اتخذه الحزب وتأثيره على المنطقة ككل إلى جانب ما يترتب على تركيا والمسؤولية الملقاة على عاتقها تحدث عضو الهيئة التنفيذية لمركز روجآفا للدراسات الاستراتيجية، كرديار دريعي، لوكالتنا روج نيوز.
حزب العمال الكردستاني أثبت بأنه لاعب رئيسي في الشرق الاوسط
وأوضح كرديار دريعي في مستهل حديثه أن حزب العمال الكردستاني أثبت طيلة السنوات الماضية وخاصة بعد انتهاء عملية السلام مع تركيا في 2015 بأنه لاعب رئيسي في الشرق الاوسط حيث يتعدى تأثيره جغرافية كردستان إلى عموم المنطقة، وفشلت الدولة التركية من حسم الصراع عسكريا على الرغم من خوضه أكثر المعارك والعمليات العسكرية الضخمة والتي حملت أسماء كـ “مخلب النسر والقفل” وغيرها، لذلك لم يكن نداء السيد عبدالله أوجلان للسلام والديمقراطية ولا استجابة الحزب لندائه نابعاً من حالة ضعف أو استسلام للدولة التركية، حيث جاء ذلك في ظل صعود قوة الحزب والقضية الكردية وفي خضم التغيرات العاصفة في الشرق الاوسط وخاصة بعد عملية 7 أكتوبر لحركة حماس على إسرائيل وما تبعه من تدمير لحماس وغزة ومن ثم حزب الله والمليشيات الإيرانية في سوريا ومن ثم سقوط الأسد، وبعد أن دعا رئيس الحركة القومية دولت بخجلي لإنهاء العنف وبناء تركيا جديدة, تضم الكرد والترك معا، وتأييد الرئيس التركي أردوغان له.
تركيا أيقنت أن الحلول العسكرية ستؤدي بها إلى ما لا يحمد عقباه
أي أن تركيا وخاصة الحركة القومية التي كانت من أشد والرافضين لحل القضية الكردية، هي من بادرت لإنهاء العنف وهوما لم يكن متوقعا منها لولا إدراكه كممثل للدولة العميقة من أن الاستمرار في الحلول العسكرية وسط التغيرات العاصفة بالشرق الاوسط ستؤدي بتركيا أيضا إلى ما لا يحمد عقباه، وقد أوضح السيد عبدالله أوجلان أنه أما السلام والديمقراطية وأما اختناق تركيا وانكماشها في الأناضول.
حزب العمال الكردستاني قد حقق مهامه في تدمير اتفاقية لوزان
وبما أن فكر السيد عبدالله أوجلان وفلسفته، قد تجاوز القومية البدائية ومفهوم الدولة القومية إلى مفهوم الأمة الديمقراطية والمجتمع الديمقراطي الحر وبناء أخوة الشعوب والعيش الندي المشترك بين الثقافات، فأنه وجد بأن حزب العمال الكردستاني قد حقق مهامه في تدمير اتفاقية لوزان الإنكارية للشعب الكردي وأخرجه من بين مخالب الإبادة ويجب المضي إلى مرحلة السلام والديمقراطية في قراءة موضوعية ومعمقة لحقيقة ما يجري في الشرق الأوسط والتغيير القادم وضرورة منع المزيد من الويلات وإراقة الدماء وحل القضية الكردية سلميا.
قرارات المؤتمر قرارات جريئة ووضعت الكرة في ملعب الدولة التركية
لذلك كانت نتائج المؤتمر الثاني عشر لحزب العمال الكردستاني متوافقا مع فكر السيد عبدالله أوجلان، حيث كانت قرارات المؤتمر قرارات جريئة ووضعت الكرة في ملعب الدولة التركية وكل الأحزاب السياسية ومؤسساتها، إلى جانب وضع المجتمع الدولي والقوى الدولية أمام مسؤولياتها في حل القضية الكردية والدفع بعملية السلام للنهاية، أي أن قرارات المؤتمر هو دخول إلى مرحلة جديدة من النضال الذي هو أصعب من الكفاح المسلح، أي النضال السياسي بعد أن هيأ بنضاله طيلة أكثر من 45 عاما الأرضية الاجتماعية والسياسية وإعلان السيد عبدالله أوجلان مسؤوليته التاريخية حول المرحلة، فأن قرارات المؤتمر لا تعني انتهاء حزب العمال الكردستاني وإنما مرحلة انبعاث جديدة ومرحلة تثبيت الحقوق السياسية والثقافية للشعب الكردي وبناء المجتمع الديمقراطي .
مما لاشك فيه أن قرار حزب العمال الكردستاني سيكون له تأثيرات كبيرة لا تقتصر على الشعب الكردي فحسب بل على عموم منطقة الشرق الأوسط، كون القضية الكردية أحد أهم ركائز تحقيق الاستقرار في هذه المنطقة التي شهدت ولاتزال الكثير من الأزمات والصراعات.
العملية ستكون مفتاح لحل أزمات الشرق الأوسط الرئيسية
وحول ذلك أوضح كرديار دريعي بأنه دائما ما كان يتم الحديث عن الشرق الأوسط والسلام فيها من قبل القوى الدولية والإقليمية من خلال الحديث عن القضية الفلسطينية في تغييب ممنهج للقضية الكردية، والتي تعد عمليا القضية الاساسية في الشرق الأوسط ومن دونها حلها، لن يكون من الممكن الحديث عن السلام والاستقرار في الشرق الاوسط ، لا نقصد التصغير من أهمية القضية الفلسطينية ولكن الحقيقة هي أن مفتاح السلام والاستقرار هو حل القضية الكردية، ومن جهة أخرى فأن أكثرمن حارب القضية الكردية ومارس الإنكار والإبادة بحقها هي الدولة التركية، لذلك فأن سارت العملية كما يجب ولم تتراجع تركيا عنها كعادتها، فأنها ستكون مفتاح لحل أزمات الشرق الأوسط الرئيسية ومفتاح لحل القضية الكردية في الأجزاء الأخرى أيضا وسيتحول نموذج الحل إلى نموذج للشرق الأوسط برمته حيث الصراعات العرقية والطائفية والمذهبية، فبداية ستؤثر على سوريا وإزاحه الفيتو التركي عن التجربة الديمقراطية في شمال شرق سوريا (روجافا ) إلى جانب فقدان الحركات الإرهابية التي تدعمها تركيا لأهميتها كما ستساهم في دمقرطة سوريا نفسها.
العملية ستعزز التواصل بين أجزاء كردستان
ومن جهة أخرى ستؤثر على الكرد في شرق كردستان وستدفع إيران أيضا لحل القضية الكردية وتعزيز التواصل بين أجزاء كردستان، سيؤدي السلام والحل مع الدولة التركية إلى تعايش الثقافات المختلفة في الدول المتقاسمة لكردستان وسينعكس ذلك على عموم الشرق الأوسط، لذلك فأن عملية السلام والديمقراطية ليست محصورة في الحدود التركية وإنما تشمل كل المنطقة.
في الوقت الذي وصلت فيه عملية السلام إلى مرحلة تاريخية تتوجه الأنظار نحو تركيا وكيفية استجابتها للخطوات التي أقدم عليها حزب العمال الكردستاني، وماذا يترتب عليها من خطوات لإكمال العملية وبدء عملية دمقرطة البلاد وطي عقود من الاستبداد والقمع وجرائم الإبادة بحق الشعب الكردي.
على تركيا ضمان حرية القائد لإثبات جديتها في السلام
عضو الهيئة الادارية لمركز روجآفا للدراسات الاستراتيجية أوضح أن تجارب المفاوضات بين حركات التحرر والأنظمة أو الدول ومن دون وجود سند شعبي أو قوى داعمة محفوفة بالأخطار ومنها التجربة الفلسطينية التي ورغم اتفاقيات أوسلو لم تصل إلى أهدافها ومع الوقت كانت النتيجة واضحة في ما حدث في غزة ودخول القضية الفلسطينية في أكثر مراحلها خطوررة من حيث تدمير هذه القضية، وفي ظل التجارب المريرة مع لدولة التركية فأنه ليس هناك ثقة به، لذلك ولإثبات جديتها في السلام لا بد أولا من ضمان الحرية التامة للسيد عبد الله أوجلان في العمل السياسي وإطلاق سراحه، إطلاق سجناء الرأي والآلاف من مناضلي حركة حرية كردستان من السجون وإنهاء الاستهدافات اليومية التي لم تتوقف على مناطق الدفاع المشروع، إشراك كل القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني في العملية وقيام البرلمان التركي بدوره وإعطاء العملية الصفة القانونية، وإلغاء دستور 1924 الذي لا تمثيل للشعب الكردي فيه، إلى جانب أن السيد عبدالله أوجلان وأثناء زيارة ابن شقيقه له كان قد طالب وبحسب الصحافة التركية نفسها طالب بشرطين لأجل عملية السلام، وجود ضامن دولي وشفافية العملية، بالمختصر فأن الخطوات التركية تجاه العملية ستحدد مدى جدية الدولة التركية بجناحيها ( بخجلي وأردوغان ) جادين في عملية السلام والديمقراطية .