مركز الأخبار
على الرغم من محاولات صهرها وطمسها، حافظت اللغة الكردية على أصالتها وبقيت صامدة كشجرة مغروسة ومتجذرة في جبال زاغروس بوجه هذه المحاولات، ولا تزال واحدة من أقدم وأغنى اللغات في العالم.
الخامس عشر من أيار، يوم اللغة الكردية، في مثل هذا اليوم من عام 1932، صدر العدد الأول من مجلة “هاوار” على يد “جلادت علي بدر خان في دمشق بسوريا. ، وفي ذات اليوم عام 1954 تم إصدار العدد الأول من مجلة “هتاو” في محافظة هولير بإقليم كردستان كما تم إصدار العدد الأول من مجلة “روجا نوو” في إسطنبول بتركيا عام 1963، ليعلن المؤتمر الوطني الكردستاني الـ 15 من أيار يوماً للغة الكردية.
اللغة الكردية لها تاريخ يمتد لألف عام، وعلى الرغم من محاولات صهرها وطمسها، فقد ظلت أصيلة حية وقوية، وإذا ما نظرنا لتاريخ عصر ما بعد معاهدة لوزان فقد واجه الشعب الكردي ولغته الأم وفي عموم كردستان الاضطهاد والقمع من قبل الدول الفاشية المحتلة لكردستان، وقد تجاوز الشعب الكردي مراحل دامية ومأساوية من عمليات إبادات جماعية ومنع وقمع اللغة.
شمال كردستان
حاليًا وبضغوط تمارس من قبل الدول المحتلة يتم تدمير اللغات المحلية بشكل ممنهج، ففي السنوات السبعين الماضية، تم تدمير ما يقارب من 200 لغة، واللغة الكردية من اللغات المهددة بالغزو والفناء كما يوجد تهديد داخلي عليها أيضاً.
يعيش أكثر من 20 مليون كردي في شمال كردستان والمشكلة الكردية في تركيا متعددة الأوجه، إضافة لمشاكل هوية الوجود والمشاكل الأمنية والسياسية والاقتصادية والثقافية، توجد مشكلة حظر اللغة الكردية والتي تعد واحدة من المشاكل الرئيسية، واللغة الكردية هي اللغة الأكثر انتشارًا في تركيا بعد التركية.
وفقًا للمادة 42 من قانون تركيا فإن اللغة التركية هي اللغة الأم لجميع المواطنين في تركيا، ووفقًا لهذا القانون يحظر الدراسة بلغة أخرى في تركيا.
وفي عام 2021، قدم حزب الشعوب الديمقراطي مشروعًا لاستخدام اللغة الكردية في البرلمان التركي لكنه قوبل بالرفض. وفي نفس العام، جمع العديد من الأفراد مئات الآلاف من التوقيعات لإدراج اللغة الكردية في تركيا ولكن تم رفض هذا أيضًا وقاموا بحظره.
وذكرت منظمة العفو الدولية (AMNESTY) في تقريرها السنوي، أن الدولة التركية منعت الكرد من التحدث بلغتهم الأم وحرمت آلاف الطلاب من الدراسة بها.
شرق كردستان
في نظام التعليم في إيران، لا يُمنح الحق في تعلم اللغات وتعليم المكونات القومية بلغتهم، لذلك يقع واجب حماية اللغة الكردية وتطويرها في شرق كردستان على عاتق العائلات والناشطين المتطوعين، حيث يعرض النشطاء المتطوعون أنفسهم لتهديدات وضغوط من القوات الأمنية والعسكرية، ويشترون المناهج التعليمية بأموالهم الخاصة أو بمساعدة الناس ويخصصون أماكن لعقد الدورات بصعوبة.
ويوجد في جامعة سنه قسم خاص في اللغة الكردية وآدابها ولكن لا يوجد في أية جامعات أخرى في شرق كردستان وإيران أقسام تسمح بتدريس اللغة الكردية كما يجب، وكانت هناك محاولة لدراسة اللغة الكردية في بعض الجامعات ولكن تم حظرها.
وفي الوقت الحالي لا تسمح الحكومة الإيرانية بفتح مراكز تعليم اللغة الكردية وتقوم باعتقال مدرسي اللغة الكردية، وبحسب الميزانية العامة لجمعية تعليم شرق كردستان، تم إغلاق أكثر من 110 مراكز لتعليم اللغة الكردية في السنوات الخمس الماضية، ووردت أنباء عن اعتقال العشرات من مدرسي اللغة الكردية،
غرب كردستان
في شمال وشرق سوريا، ومع ثورة 19 تموز أصبح ميدان اللغة أحد أبرز ميادين النضال. فخلال السنوات الـ 10 للثورة، ومن السياسة إلى التعليم والاقتصاد والثقافة والفن والإعلام، تمّ بناء نظام شاملٍ يمكن أن يكون نموذجاً يقتدي به جميع الكرد.
ويكون التعليم في جميع المناطق التي يعيش فيها الكرد والمكونات الأخرى معاً باللغتين الكرديّة والعربيّة، أمّا في المناطق التي يعيش فيها الكرد فقط يكون التعليم فيها بأكمله باللغة الكرديّة مع مادةٍ اللغة العربيّة.
وأُعدّت كافة المناهج التعليميّة وفقاً لهذا، أي تمّ إعداد كافة المناهج باللغة الكرديّة أيضاً، ويجري التدريس في الجامعات أيضاً باللغة الكرديّة، حيث أُعدّت المناهج والمواد فيها وفقاً لذلك، كما تمّ افتتاح كليّة الأدب الكردي أيضاً.
جنوب كردستان
اللغة هي إحدى المكونات المهمة التي تشتهر بها كل أمة، لكن اللغة الكردية تحت سيطرة المحتلين ومن ناحية أخرى تم إهمالها بدرجة خطيرة من قبل السلطات الكردية في إقليم كردستان.
وتوجد في جميع البلدان مؤسسات لغوية خاصة لتعريف الكلمات الجديدة، لا يحق للأفراد أن يقرروا الكلمات ويجعلوها حسب رغباتهم، إن صنع الكلمات حسب الرغبة لا يجعل اللغة ركيكة فحسب، بل إنه يدمر اللغة ويسبب مشاكل نحوية.
وبسبب عدم وجود تخطيط من قبل حكومة إقليم كردستان، تلعب وسائل الإعلام أيضًا دورًا في تدمير اللغة الكردية، وتستخدم الكلمات حسب رغبتها.
وخلال الثورات الكردية، كان الشعراء والكتاب يأملون أن يكون للكرد حكومتهم الخاصة، حتى يتمكنوا من القراءة باللغة الكردية، وتقديم أعمالهم بلغتهم الخاصة إلى الناس والعالم، ولكن الآن الناس في إقليم كردستان يرون العكس.
مدرسو الدين هم أيضًا جزء من حركة اللغة الكردية، التي تهتم أكثر باللغة العربية، ووفقاً لهم، يجب أن تكون الصلاة باللغة العربية فقط، هكذا أفاد الشيوخ والخطباء أنه إذا لم تكن الصلاة باللغة العربية، فلن يتم قبول صلواتهم، هذا أيضا له تأثير حيال التأثير عليهم لتطبيق اللغة العربية.
مشكلة أخرى مع اللغة الكردية هي أنها تستمد مواردها من المراكز والمدارس الخاصة التي يتزايد عددها يوما بعد يوم وهم يدرسون بلغات أجنبية، إذا ذهب المرء إلى تلك المدارس، يمكن له أن يرى مدى الخطورة على اللغة الكردية ولماذا يتم تجاهلها.
ومعظم الطلاب في تلك المدارس حيث الجيل الجديد في إقليم كردستان لا يتحدثون الكردية، وتخصص دروس اللغة الكردية في المدارس الحكومية بحصص قصيرة ويتم تجاهلها.
وعندما يحرم الأطفال الكرد من لغتهم الأم بهذه الطريقة، فلن يتعلموا ثقافتهم ولن يهتموا بها، ستكون النتيجة أسلوب حياتهم وسلوكهم وأحلامهم وتوقعاتهم كشخص غربي، في هذه المدارس الخاصة، يتم إيلاء المزيد من الاهتمام لحقيقة أن الأطفال والطلاب يتعلمون اللغة الإنجليزية أو لغة أخرى.
وتشجع معظم العائلات أطفالها على تعلم لغة أجنبية، لأن المستقبل بحسبهم في المجتمع الكردي وكردستان لمن يعرف لغة أجنبية!
وبغض النظر عن هذه الجوانب العديدة الأخرى، فإنهم يعملون على تدمير اللغة الكردية، ومن المخاطر الواضحة الأجهزة الذكية والشبكات الاجتماعية، يتكلم الأطفال اللغة الإنجليزية ولا يعرفون الكردية بسبب الاستخدام المستمر للأدوات ومشاهدة البرامج الأجنبية منذ الصغر.
وعلى الرغم من كل الضغوط والتهديدات والمخاطر على اللغة الكردية في جميع أجزاء كردستان الأربعة، لا يزال استخدام اللغة الكردية ودراستها على مستوى قوي.