عقارات العراق في الخارج.. ثروات منسية وفساد متجذر

وسام الزهروني

يلاحق الفساد ملف عقارات الدولة العراقية، سواء في الداخل أو الخارج، فيما يشير المراقبون إلى أن هذا الملف لا يزال غير محسوم بالكامل، ورغم محاولات الحكومة العراقية المتواصلة لمتابعة هذه الممتلكات، إلا أن العديد منها لا يزال غير مكتشف حتى الآن، ما فتح الباب أمام “استيلاء” بعض الشخصيات الفاسدة عليها.

فساد متراكم

يقول المحلل السياسي أثير الشرع في تصريح لـوكالتنا “روج نيوز”، إن ملف عقارات الدولة فيه تقصير كبير خلال الدورات النيابية السابقة، فالحكومة الحالية كشفت الكثير من أوجه الفساد في هذا الملف، وهذا لا يقتصر على الأملاك في الخارج، بل أيضًا في الداخل، تم تزييف عائدية بعض العقارات وبيعها أكثر من مرة لمواطنين، وتكررت هذه الحالات مرات عديدة.

ويضيف الشرع “بعض ممتلكات الشعب وعقارات الدولة في الخارج لم تُكتشف خلال الفترات السابقة، شاهدنا وجود مصفى في الصومال عائد للدولة العراقية، اكتشف بالصدفة خلال وجود الرئيس الصومالي في قمة بغداد، أطراف متنفذة تعرف ماذا تفعل ولديها دول عميقة ووزارات تقف وراء هذه الجرائم، التي تتمثل ببيع العقارات سواء في الداخل أو الخارج”.

ويتابع ،لا توجد إحصائية دقيقة لدى العراق عن حجم الثروات الموجودة في الخارج، كما أن الشركات والعقود الاستثمارية السابقة لم تُكتشف أيضًا، وكان التركيز فقط على ما يُسمى بـ(المكتسبات الحكومية) واستغلالها ذاتيًا مع إهمال ممتلكات الدولة في الخارج، ولو تم الاهتمام بها لدرّت على العراق مليارات الدولارات”.

تزوير في الداخل أيضًا

وأشار إلى وجود أراضٍ تابعة للدولة زُوّرت عائديتها لما يُعرف بـ”الطابو الزراعي” أو تم تمليكها لجهات معينة، داعيًا الحكومة إلى الحديث بجرأة عن من يزيف عقارات الدولة ويبيعها في الداخل والخارج، للسيطرة على الملف ومحاسبة الفاعلين.

أرقام صادمة

وقدّرت تقارير سابقة قيمة الأصول العراقية في الخارج، والتي تشمل عقارات ومزارع وقصور، بما يقرب من 90 مليار دولار.

وكان النائب عامر الفايز قد أكد في الدورة النيابية السابقة وجود “إهمال كبير” من الحكومات السابقة تجاه قضية أملاك الدولة العراقية في الخارج، رغم امتلاك العراق العديد من العقارات في دول متفرقة، وبيّن حينها نية البرلمان متابعة هذا الملف، خصوصًا في ظل التقصير الحكومي السابق.

كذلك، كشفت لجنة النزاهة النيابية عن أن بعض هذه الأملاك تعود لوزارتي التربية والتجارة، وفرضت عليها ضرائب مرتفعة تجاوزت في بعض الأحيان قيمة العقار نفسه، خاصة في الدول الأوروبية.

تهريب الثروات

من جهته، يوضح الخبير الاقتصادي عبد الحسن الشمري، في تصريح لـ”روج نيوز”، أن “عقارات الدولة في الداخل والخارج تم الاستيلاء عليها من قبل مجموعة من السياسيين الفاسدين ومجاميع أخرى، خصوصًا مزارع الشاي والرز في آسيا، والتي أصبحت عائديتها لهذه الجهات”.

ويؤكد الشمري أن الحكومة العراقية لا تبدي اهتمامًا حقيقيًا بهذه الملفات، ولهذا أصبحت هذه العقارات لقمة سائغة لأطراف سياسية تستفيد منها بمليارات الدولارات ضمن منظومات اقتصادية ضخمة.

ويشير إلى أن الهدر المالي في العراق ضخم للغاية، سواء من خلال السرقات داخل البلاد أو الاستيلاء على العقارات في الخارج، بعض الشخصيات تملك الآن شوارع كاملة في لندن وغيرها من العواصم الأوروبية، بينما العراق يدفع ضرائب على هذه الأملاك دون أن يستغلها، في حين أن الفاسدين هم من يجنون الأرباح منها”.

مفاجأة الصومال

وعلى هامش القمة العربية في بغداد، كشف الرئيس الصومالي لرئيس الوزراء محمد شياع السوداني عن وجود أكبر مصفى نفطي عراقي في بلاده، أُنشئ في سبعينيات القرن الماضي، وفقًا لما أكده المتحدث باسم الحكومة.

الخبير الاقتصادي نبيل المرسومي أشار أيضًا إلى هذه المفاجأة، مبينًا أن المصفى تم تأسيسه بأموال عراقية بالعملات الأجنبية، فيما تم الاتفاق على أن تسدد الصومال حصتها (50%) خلال ثلاث سنوات من بدء تشغيل المشروع، بفائدة رمزية.

أملاك مهدورة

وتُعد المدرسة العراقية في فرنسا من أبرز أملاك العراق في الخارج، والتي أثيرت حولها شبهات فساد كبيرة، إذ تم الاستيلاء عليها وإغلاقها لاحقًا، إلى جانب أملاك أخرى في فرنسا.

ومن المعروف أن العراق يملك مزارع الشاي والرز في فيتنام، والتي تُركت لعقود من دون متابعة أو استثمار، لتنتقل تدريجيًا إلى سيطرة جهات أخرى. والغريب أن العراق، اليوم، يستورد الشاي والرز من نفس تلك المزارع التي كان يملكها.