“أهالي مخمور” ضحيّة التفاوض التركي… ومطالبات بالإفراج عن “الوفد المحتجز” وإنهاء الحصار

بغداد- محمد الجبوري

يدفع أهالي مخيم مخمور ثمناً باهظاً نتيجة السياسات بين العراق وتركيا، حيث يعيشون في عزلة قاسية لا تصلهم فيها مياه ولا أدوية، بينما تتدهور أوضاعهم المعيشية بشكل متسارع، أسكت صوتهم الذي كان يحمل آلامهم ومعاناتهم بعد احتجاز ممثليهم في العاصمة منذ أكثر من خمسة عشر يوماً ورغم مرور هذه الفترة، لا يزال مصيرهم غامضاً، في وقت يقال أن الاعتقال يتعلق بمسألة بطاقاتهم، دون أن تكشف السلطات عن تفاصيل أخرى.

ويواجه المخيم الذي يقع بين محافظتي نينوى وهولير ويضم لاجئين كرد، حصاراً مشدداً عبر الأبراج والأسلاك الشائكة فرضته السلطات العراقية وهو ما يتنافى مع قواعد حقوق الإنسان والقيم الأخلاقية، بحسب مراقبين حقوقيين وسياسيين عراقيين.

وضمن إطار جهود نقل معاناة الأهالي إلى العاصمة بغداد، توجه وفد من المخيم لمناقشة حل مشكلتي البطاقات الشخصية والحصار المفروض على مخيم الشهيد رستم جودي للاجئين.

وقد عقد الوفد اجتماعاً مع وزارة العدل العراقية، إلا أن السلطات اعتقلت أعضائه بعد عودتهم، ليظل مصيرهم مجهولاً حتى اليوم، أي بعد مرور ما يقارب خمسة عشر يوماً.

وفيما لم ترد الجهات المعنية، المتمثلة في العمليات المشتركة، على أي اتصال من مراسل وكالة “روج نيوز” لتوضيح أسباب الاعتقال، أفاد مسؤول أمني رفيع المستوى بأن “عملية الاعتقال تحمل أبعاداً سياسية، ومن المحتمل أن يتم إطلاق سراح الوفد قريباً بعد تسوية الأمور”.

وأشار المسؤول  لـ “روج نيوز” إلى أن “ملف مخيم مخمور يعد حساساً للغاية بالنسبة لحكومة بغداد، بسبب الضغوط التركية التي تمارسها من خلال الأحزاب المقربة لها وعلى رأسها الحزب الديمقراطي الكردستاني”.

من جهته، طالب النائب العراقي محمد عنوز، خلال حديثه لـ “روج نيوز”، “الحكومة العراقية بإعادة النظر في استراتيجيتها تجاه مخيم مخمور، مؤكداً ضرورة إبعاد المدنيين عن تداعيات السياسات الخارجية”. وأشار إلى أن “عمليات الحصار المفروضة على الأبرياء تتنافى مع قواعد حقوق الإنسان الدولية”.

وأضاف عنوز أن “عملية اعتقال وفد مخمور، الذي جاء حاملاً رسالة إنسانية إلى بغداد، مدانة ولا تنسجم مع الدستور العراقي”، داعياً إلى “الإفراج الفوري عن الوفد وتهيئة الأجواء المناسبة في المخيم”.

ويواصل أهالي مخمور احتجاجاتهم على الحصار المفروض، حيث يعقدون اعتصاماً مستمراً مطالبين بإنهاء الإجراءات المشددة التي تقيد حياتهم ويؤكدون أنهم بحاجة إلى الحرية لمزاولة أعمالهم التي تأثرت بشدة بسبب تدهور أوضاعهم المعيشية الأمر الذي فاقم من معاناتهم اليومية.

وتعليقاً على ذلك، قال المراقب السياسي هادي جلو مرعي لـ “روج نيوز”: “إن فرض الحصار على أهالي مخيم مخمور يعد عملاً يتنافى مع المبادئ الإنسانية، ومن المؤكد أنه زاد من معاناة الأهالي وفاقم أوضاعهم المعيشية بشكل كبير”، مطالبا “حكومة بغداد بضرورة فك الحصار وفسح المجال أمام اللاجئين لممارسة أعمالهم بشكل طبيعي”.

وأضاف مرعي ان “الحصار المفروض قد أثر بشكل كبير على حياة الأطفال والنساء في المخيم، حيث يواجهون تحديات كبيرة في الحصول على احتياجاتهم الأساسية، مما يزيد من حجم المعاناة”.

وقد صعدت حكومتي بغداد وهولير، إجراءاتهما الأمنية والتقييدية ضد المخيم، لتضاف إلى سلسلة من المحاولات السابقة للسيطرة عليه بالقوة أو عزله عن محيطه الجغرافي والإنساني.

وبسبب هذه القيود المزدوجة كل من بغداد و هولير، حرم العديد من المرضى ذوي الحالات الحرجة من الوصول إلى المستشفيات في هولير وهو ما فاقم الأوضاع الإنسانية بشكلٍ كبير.

وكان المخيم قد تعرض للقصف التركي في 18 تموز/يوليو 2019 أدى إلى اصابة اثنين من سكانه، في حادثة أثارت استنكارا المنظمات المعنية بحقوق الإنسان.

وكانت فيليز بوداك، الرئيسة المشتركة لمجلس شعب مخيم الشهيد رستم جودي (مخمور)، قد قالت إن “تركيا تستخدم قضية مخمور كورقة تفاوض في علاقاتها مع العراق”. وأشارت إلى أن “تركيا تسعى إلى أن يحقق العراق مطالبها في حل مشكلة المياه، وفي المقابل يطلب العراق من تركيا سحب قواعدها العسكرية ومنع طائراتها من التحليق في أجواء العراق، لكن تركيا لا تقبل بذلك”. وأضافت أن “قضية مخمور تدخل ضمن جدول التفاوض بين البلدين”.

 

“مخمور تحت الحصار.. استمرار اعتقال ممثلي المخيم وتدهور الأوضاع رغم وعود الحكومة العراقية”