مرة أخرى.. موظفو إقليم كردستان ضحية الخلافات السياسية بين بغداد وهولير

مركز الأخبار

تُعدّ قضية رواتب الموظفين واحدة من عشرات القضايا والخلافات الرئيسية بين إقليم كردستان وبغداد، حيث يستخدمه الطرفان كورقة ضغط سياسية ضد بعضهما البعض، إلا أن الضحايا الرئيسيين لهذا الصراع والتنافس السياسي بين بغداد والإقليم هم بلا شك موظفو ومواطنو إقليم كردستان هذه المرة.

كيف بدأت المشكلة؟

في عام 2014، قررت الحكومة العراقية برئاسة نوري المالكي حينها قطع ميزانية إقليم كردستان، كرد فعل على شروع الإقليم في تسويق نفطه بشكل مستقل ووفق اتفاق طويل الأمد مع تركيا، ومنذ ذلك الحين، تطالب بغداد بتسليم النفط والإيرادات المحلية مقابل إرسال الميزانية والرواتب، إلا الطرفين لم يلتزما بأي اتفاق حتى اليوم.

في عام 2022، تم توقيع اتفاق بين الإقليم وبغداد لتسوية هذه الخلافات للسنوات 2023، 2024 و2025، يقضي بأن يسلم الإقليم نفطه لشركة “سومو” ويمنح 50% من إيراداته المحلية لبغداد، مقابل حصوله على 12% من الموازنة الاتحادية لتلك الأعوام.

لكن رغم الاتفاق، استمرت الخلافات، إذ لم يسلم لإقليم النفط وباع بين 350 إلى 380 ألف برميل شهريًا ، دون تحويل العائدات لوزارة المالية العراقية، ولا أحد يعلم مصير هذه الأموال، وحوّلت حكومة إقليم كردستان الحالية الحد الأقصى من الإيرادات المحلية إلى بغداد خلال تلك السنوات الثلاث، وهو 98 مليار دينار، ثم خفضت هذا المبلغ تدريجيًا إلى 51 مليار دينار، أرسلتها إلى بغداد الشهر الماضي.

من جانب بغداد، فإنها لم تُرسل الرواتب كاملة خلال هذه السنوات الثلاث، بحجة أن الإقليم لم يلتزم بالاتفاقيات وباع النفط بشكل مستقل دون مراقبة.

وبهدف إنهاء الأزمة، أصدرت المحكمة الاتحادية قرارًا ينص على فصل ملف الرواتب عن الخلافات السياسية، وإلزام بغداد بدفع رواتب موظفي الإقليم، مقابل التزام الإقليم بتسليم النفط والإيرادات.

كيف وصلنا إلى هذا الحال؟

في 19 من الشهر الماضي، وقّعت حكومة الإقليم مذكرتي تفاهم في مجال الطاقة مع شركتين أمريكيتين (HKN Energy وOnex Group) في واشنطن.

وبعد أيام، أعلن مسعود بارزاني رفضه للآلية الحالية لإرسال الرواتب، معتبرًا أنها غير مقبولة، مؤكدًا أن الإقليم لن يستجدي الرواتب من بغداد، ما تسبب بتصعيد جديد في التوتر.

عقب ذلك، أعلن وزيرة المالية العراقي ،طيف سامي، قطع رواتب جميع موظفي إقليم كردستان. ونتيجةً لذلك، تم تعليق رواتب شهر أيار لموظفي الإقليم، والتي كان من المفترض إرسالها إلى بغداد قبل عيد الأضحى، ولم تُرسل.

والاسبوع الماضي دعا الحزب الديمقراطي الكردستاني جميع الأطراف الكردية لاجتماع في هولير بهدف بحث الأزمة، لكن المعارضة قاطعت الاجتماع، ولم يصدر عنه أي قرار واضح.

مؤخرًا، عقدت بعض الأطراف الكردية لقاءات مع رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني في محاولة للتوصل إلى تفاهم، لكنها باءت بالفشل، حيث قال السوداني في اجتماع مع كتلة الاتحاد الوطني الكردستاني “الإقليم يبيع النفط، ولا يسلّمه، ولا يوضح أين تذهب الإيرادات، ومع ذلك يطالبنا بالرواتب، ثم يهدد، ويوقّع اتفاقات نفطية دون علم بغداد.

وأكد أنه “لا يستطيع قانونيًا أو سياسيًا إرسال الرواتب دون دعم سياسي وتشريعي”.

في المقابل، تقول حكومة الإقليم إنها تلتزم شهريًا بإرسال الإيرادات المحلية المطلوبة وتسليم النفط، لكن بغداد تمنع تسويق النفط، كما سلّمت قوائم موظفيها بشفافية.

ووسط هذه الصراعات والخلافات السياسية بين الإقليم وبغداد، يبقى موظفو الإقليم هم الضحية، ويستقبلون العيد بجيوب فارغة.

بالتزامن مع ذلك  ومع استمرار قطع الرواتب، قال وزير مالية الإقليم آوات جناب نوري: “إذا لم ترسل بغداد الرواتب، فلدينا بدائل وسنصرف الرواتب من عائدات النفط والإيرادات المحلية”.

لكن المواطنون والموظفون يتساءلون: “إذا كانت الحكومة قادرة على دفع الرواتب من عائدات النفط والإيرادات، فلماذا لم تدفعها هذا العيد، ولماذا لا تزال تطالب بها من بغداد؟