ثورات شرق كردستان… سلسلة خيانات الحزب الديمقراطي I
السليمانية\ بوطان كرمياني
يخبرنا التاريخ عن وجود الحزب الديمقراطي الكردستاني دائماً في جبهة الخيانة، فلم يتبق أية قوة كردية مطالبة بالحرية إلا وحاربها ولم يبق عدو للكرد إلا وتحالف معه، ونرى هذا في سلسة قتل الثوار الكرد ومعاداة الثورات والتضامن مع العدو.
عندما نفتح صفحات التاريخ من الأمس وحتى يومنا الحاضر يتصدر أرض كردستان خطين أو ذهنيتين مختلفتين، الخط القومي والوطني المنخرط بالعمل على حرية الشعب الكردي وقضيته المشروعة، ودفع الثمن غالياً في سبيل ذلك، وعلى الطرف المقابل نرى خط الخيانة وعملاء العدو والمحتلين، الذين نراهم دوماً في صف العدو متنكراً لشعبه في الجبهات ضد الخط القومي.
كان الحزب الديمقراطي يرتكب الخيانة دائماً عبر التاريخ في أجزاء كردستان الأربعة، ولم تبق قوة ثورية كردية حرة إلا وحاربها، في نفس الوقت لم يبق أي نظام ودولة احتلالية وعدو للكرد إلا وتحالف معهم، وسنسرد في هذا الملف خيانة الحزب الديمقراطي في شرق كردستان.
تطبيقا لمبدأ ” عدو عدوي صديقي” قدم شاه إيران كل المساعدات المادية والعسكرية في ثورة أيلول للملا مصطفى البارزاني ضد العراق، وكان عضو الاستخبارات عيسى بجمان هو الوسيط بين الملا مصطفى البارزاني وشاه إيران، ويقول في كتاب “Reşebaya rûdawan”: “ذهبت بأمر من الشاه إلى الملا مصطفى البارزاني وقلت له نحن جاهزون لمساعدة الأكراد”، وأخذنا معنا حينها آلاف الأسلحة ومليون رصاصة وقرابة 300 ألف فريق، ضد العراق، فقال الملا مصطفى في جوابه: “لو قمت بهذه المساعدة فهل سأكسب شيئاً؟” وبهذا الشكل لن يخسر شيئاً فقمنا بإرضائه بهذه المساعدة ووضعنا الأموال في بنك خاص للملا مصطفى البارزاني في سويسرا، وما عدا هذا المبلغ بأمر من شاه إيران تم فتح حساب خاص للبارزاني ووضع الأموال فيها.”
كما ويذكر بجمان في كتابه: “بقدر معرفتي بالبارزاني لم أجده واثقاً لا بنفسه ولا محيطه ولا قضية الكرد أيضاً، الشيء المهم له كان الفائدة والكسب والاقتصاد”.
بعد توقيع اتفاقية الجزائر في 6 آذار 1975 واتفاقية شاه إيران محمد رضا بهلوي مع صدام حسين الذي كان حينها نائب رئيس جمهورية العراق، ترك شاه إيران الملا مصطفى وأوقف مساعداته له، وبعد 14 يوم يأمر بالهدنة وينهي ثورة أيلول.
ووفقاً لكلام ابن أخ الملا مصطفى البارزاني، أيوب البارزاني والسياسي الكردي د. محمود عثمان الذين كانوا شاهدين بأنفسهم، أنه بعد اتفاقية الجزائر قال الملا مصطفى خلال اجتماع مع شاه إيران: “نحن شعبك مادام للعراق مصلحة في هذه الاتفاقية وهي أمنا أيضاً، ليس لدينا اعتراض عليه، نحن تحت أمرك نموت أو نحيا بأمرك”.
وجاء في كتاب “خيانة القيادة المؤقتة بالقومية الكردية” من قبل عبدلله حسن ود. قاسملو، عن تلك المرحلة بالقول: “الرئيس البارزاني بدل أن يساعد أهل كردستان كان يساعد الدولة المحافظة وعميل الإمبريالية محمد رضا شاه، واتجه إلى عدو الكرد متنكراً لتجمعات أهالي كردستان، في الحقيقة كرّس البارزاني الاتجاه الأول نحو الهدنة هنا في عام 1975.”
وما يتعلق بعلاقات الحزب الديمقراطي الكردستاني مع شاه إيران، فإن الشرط الأساسي لمساعدة نظام محمد رضا الشاه للبارزاني وحركته هو أن لا يسمح لأي حركة أو منظمة الظهور ضد نظام شاه إيران.
كذلك وفقاً لمعلومات هذا الكتاب، بعد هذا الاتفاق قام مسلحو بأمر من شاه إيران بالهجوم على مقرات الحزب الديمقراطي الحدودية وحاصروها، قاموا في شرق كردستان يداً بيد مع عساكر وجحوش النظام بملاحقة بيشمركة الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني، كما وبدأ بأمر من الملا مصطفى البارزاني سلسلة قتل القادة والثوار البارزين في شرق كردستان.
“قتل الثوار الكرد”
حسب كتاب “خيانة القيادة المؤقتة بالقومية الكردية” تم تنفيذ عمليات اغتيال كبيرة من قبل مسلحي الديمقراطي الكردستاني بأمر من الملا مصطفى البارزاني ضد قادة ثورة شرق كردستان لإرضاء شاه إيران.
– في عام 1976 استشهد برايما سوري محمد دلاويي من أهالي منطقة خانة من قرية آلان إلى جانب عدد من بيشمركة الحزب الديمقراطي وتم تسليم جثثهم لاستخبارات النظام الإيراني.
– وفي نهاية نفس العام يتم اعتقال الملا رحيمي ورتي المعروف باسم ميرزا أحمد عضو اللجنة المركزية للحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني ويريد تسليمه حياً، ولكنه يرفض بشده فيتم إطلاق الرصاص عليه هناك فوراً.
– وفي نهاية نفس الشهر، اعتقلوا كل من سوارا سكري واسكندر علي ومحمد موميني وحبيب أبوبر وجعفر أبو بكر ومنتقم قاضي إلى جانب عشرات البيشمركة الآخرين وسلموهم لإيران.
– في شهر آذار 1968 تم استشهاد كلا القياديين الثوريين سليمان معيني وخليل شوباش بالقرب من مدينة السليمانية بأمر الملا مصطفى البارزاني من قبل مسلحي الحزب الديمقراطي وسلموا جثثهم لإيران.
– استشهد كلاً من دلشان رسول والملا آوارا القياديين الثوريين في شرق كردستان بأمر من الملا مصطفى البارزاني وتسليم جثتيهما للنظام الإيراني.
– تم اعتقال صالح لاجاني و7 بيشمركة آخرين الذين كانوا قد أتوا إلى الملا مصطفى بعد استشهاد الملا آوارا وتسليمهم لغيران وبعدها إطلاق الرصاص عليهم.
في عام 1979 بعد انهيار نظام شاه بهلوي وتولي الجمهوريين العرش بقيادة الخميني، قام أحفاد الملا مصطفى البارزاني المؤلفة من القيادة المؤقتة في ذلك الوقت بدعم الخميني ضد الشاه، ليتوجه مسعود البارزاني في نفس العام إلى باريس ويجتمع بالخميني ويكرر وعده بدعم ومساعدة الح ب الديمقراطي لنظامه المناهض للحركة التحررية الكردية في شرق كردستان.
في ذلك الوقت يقوم فاضل ميراني بإجراء لقاء مع الإعلام الإيراني من قبل ‘Bi Tawan’ الفارسية، ويتحدث عن علاقات الديمقراطي مع الخميني ويقول: “نحن قسم من الإيران ولن نتركها إن قام أي انقلاب ضد سلطته، لا نستطيع أن ننسى هذه الفرصة وخدمة النظام الإيراني ولن نسمح بأي انقلاب أو ضربة لثورة الإمام الخميني.”
ووفقاً لمقطع من أرشيف الحرس الثوري الذي يجري لقاء مع قائد من بيشمركة القيادة المؤقتة للحزب الديمقراطي، يؤكد على اتفاق الحزب مع النظام الإيراني لطمس الحركة التحررية الكردية في شرق كردستان خلال فترة عامي 1981 و 1982.
وكما يظهر في المقطع ينضم مسلحو الحزب يداً بيد مع عملاء وجحوش إيران إلى هجومهم ضد الثوار الكرد يعرفوهم بالعدو والمرتزقة، ويقوم قائد القيادة المؤقتة بمخاطبة قائد الثورة الكردية د. قاسملو ويقول “إذا تحاربهم فأنت تحاربنا”، يقصد النظام الإيراني هنا.
وفي كتاب “خيانة القيادة المؤقتة بالقومية الكردية”: “كلما كان يرى مسلحو القيادة المؤقتة أنفسهم قد ضعفوا يظهرون وكأنهم لا يتحركون بدون إذن الحزب الديمقراطي، لكن عام 1979 عندما دعا نظام الخميني إلى الجهاد ضد أهالي كردستان إيران وقيادة القيادة المؤقتة والمسلحين حول البارزاني فهموا بأن الحزب الديمقراطي قد ضعف، ووقفوا إلى جانب النظام الإيراني ضد بيشمركة حزبنا”.
ويذكر في هذا الكتاب إطلاق الرصاص على البيشمركة المؤقتين خلال المظاهرات بالقول: “تم إطلاق الرصاص على الشعب في شنو خلال المظاهرات وسقط 6 ضحايا، وفي منطقة أورمية تم تهجير ألف بيت بمساعدة إدريس البارزاني، وباقتراح من إدريس أصبح عدة مئات من أهالي هذه المنطقة جحوشاً رسميين لنظام الخميني”.
وفي ذلك الوقت التقى سكرتير الحزب الديمقراطي مصطفى هجري بلقاء خاص مع الوكالة الأمريكية (Associated Press) ويقول عن أبناء الملا مصطفى و PDK: “كل من حول البارزاني بقيادة إدريس البارزاني ومسعود قد أصبحو العصي بيد النظام الإيراني يشاركون في جميع الحروب ضد أحرار إيران في كردستان”.
اتضح أن الحزب الديمقراطي كان تحت قيادة المخابرات الإيرانية (سواك) لبقائه قبل الحصار وبعده ولم يتجنب اغتيال البيشمركة للحزب الديمقراطي الإيراني بناءً على طلب سواك. وعندما ينهار نظام الشاه، يقيم علاقاته مع الخميني ويريق دماء عشرات البيشمركة ومواطني كردستان الشرقية من أجل ترسيخ حكم الخميني، في هذه الحالة يريد الاستفادة من انهيار نظام الشاه وكسب بعض الفرص لنفسه.