حل أزمة “خط جيهان” بعيدة.. من المسؤول عن الكارثة الاقتصادية؟

بغداد/ وسام الزهروني   

ما يزال ملف إعادة تصدير النفط العراقي عبر ميناء جيهان التركي معلقا، وينتظره مصير مجهول، ونظرا لكون الأزمة لم تحل، شخصَ متخصصون الأسباب الحقيقية التي تقف خلفها، وأبرزها استغلال حكومة الإقليم لضعف الحكومة الاتحادية بعد 2003 وسيطرة الشركات التركية على نفط الإقليم، وفضلا عن هذا غياب قانون النفط والغاز في العراق.

خبير بالاقتصاد : تحقيق السيادة الاقتصادية سيحرر العراق من الضغوطات  الاميركية - وكالة العهد نيوزويقول الخبير الاقتصادي مصطفى أكرم حنتوش، في تصريح لـ “روج نيوز“، إن “حكومة الإقليم استغلت ضعف الحكومة الاتحادية في السنوات الأولى بعد عام 2003 وذهبت نحو إبرام عقود مشاركة مع شركات نفطية تركية”.

ويضيف حنتوش، أن “الإقليم ليس من حقه تصدير النفط عبر القنوات الرسمية وانسحبت بعض شركات النفطية من الاقليم لاسيما بعد ان خرجت تركيا من اتفاقية لوزان الدولية”، مبينا أن “الاتراك تسارعوا الى تطبيق قرار محكمة باريس وايقاف تصدير النفط عبر ميناء جيهان”.

ويشير إلى أن “الشركات النفطية التركية هي مستحوذة وداخلة بعقود شراكة مخالفة للدستور العراقي”، مضيفا أن “العراق يصدر نفط بـ11 دولار في شركات الوسط والجنوب اما الشركات التركية فيتم تصدير النفط بـ20 دولارا، وهذا الامر مخالف للقوانين”.

وكانت هيئة التحكيم التابعة لغرفة التجارة الدولية، أصدرت قرارها في 24 من شهر آذار 2023، بالقضية التي رفعها العراق ضد تركيا منذ العام 2014، بشأن صادرات نفط إقليم كردستان، التي تمررها تركيا عبر خط ميناء جيهان، حيث جاء القرار لصالح العراق.

ووفقا للقرار، فقد توقف ضخ النفط من الإقليم مباشرة، كما أن تركيا أبلغت العراق أنها لن تسمح للشحنات التي تحمل الخام من إقليم كردستان العراق بمغادرة ميناء جيهان الساحلي دون موافقة الحكومة الاتحادية في بغداد، إلى جانب فرض غرامة قدرها 1.5 مليار دولار يتوجب على تركيا دفعها للعراق نتيجة لتصديرها نفط الإقليم طيلة هذه السنوات.

يذكر أنه في شهر نيسان أبريل الماضي، جرت في بغداد مراسم توقيع الاتفاق المؤقت لاستئناف تصدير النفط من إقليم كردستان، برعاية رئيس الحكومة محمد شياع السوداني ورئيس حكومة الإقليم مسرور بارزاني، وفيه أعلن السوداني أن قرار محكمة التحكيم الدولية الذي أوقف تصدير نفط الإقليم، سبب ضرراً بالغاً في مجمل إيرادات العراق النفطية، وأن الضرر سيمتدّ على مجمل إيرادات النفط المثبتة في الموازنة الاتحادية، وعلى هذا الأساس جرت مفاوضات لإتمام هذا الاتفاق.

توقف صادرات نفط كردستان.. هل ربح العراق سياسيا وخسر اقتصاديا؟ | اقتصاد |  الجزيرة نتمن جانبه، يؤكد الخبير في شؤون النفط والغاز كوفند شيرواني، في تصريح لـ “روج نيوز“، أن “الجانب القانوني هو أحد الاشكاليات امام اعادة التصدير عبر ميناء جيهان التركي، ونقصد بها عدم وجود قانون نافذ للنفط والغاز في العراق”.

ويستطرد أن “هذا القانون سيوزع المسؤوليات والواجبات بين جميع الاطراف على الشركات الحكومة الاتحادية وحكومة الاقليم، وبالتالي ستكون عملية ادارة الصناعة النفطية وادارة ايراداتها بشكل اكثر سلاسة وبعيدا عن الاشكالات وسيحتوي هذا القانون الخلافات الحالية والسابقة”.

ويكمل: “يمنع هذا القانون ايضا نشوب او حدوث خلافات مستقبلية في هذا القطاع المهم الذي يمثل عصب الاقتصاد العراقي حيث تتجاوز نسبة الايرادات النفطية في قانون الموازنة 87‎%‎ مع القطاعات الاخرى المرتبطة بها تتجاوز 90 ‎%‎ وبالتالي هنا تكمن اهمية الثروة النفطية بالنسبة للاقتصاد العراقي وادارة واعمار الدولة العراقية”.

ويتابع أن “الاتفاق على تصدير النفط العراقي مجددا عن طريق منفذ ميناء جيهان التركي فان الحكومة التركية عالجت كل الاشكالات والخط اصبح جاهزا لنقل النفط وتصديره”، لافتا إلى أنه “حتى الان لا يوجد اتفاق نهائي حول النواحي المالية والفنية بين العراق وتركيا فيما اذا كان سيتم الرجوع الى نفس الاتفاق الاصلي المبرم في السبعينات من القرن الماضي، وتم تجديدها في عام 2017، أم أن تركيا تطمح الى اتفاق جديد يضمن لها حقوق مالية وامتيازات اكثر”.

وكان المتحدث باسم وزارة النفط عاصم جهاد، أعلن مؤخرا، أن ملف تسليم النفط المستخرج من إقليم كردستان إلى الحكومة الاتحادية معقد نتيجة تراكمات الأخطاء السابقة، وأن التحديات التي واجهت الحكومة والدولة بشكل عام أسفرت عن قيام الإقليم بتصدير النفط وإبرام العقود دون الرجوع إلى الحكومة الاتحادية.

وبين في بيانه أيضا، أن الحكومة الحالية وضعت في أولوياتها حل هذه المشكلة وفق الطرق القانونية والدستورية وبما ينسجم مع قرارات المحكمة الاتحادية خدمة للصالح العام”، منبها، أن “رئيس الوزراء أوعز لوزارة النفط بتشكيل لجان لزيارة الإقليم والاطلاع وإيجاد الحلول للمشاكل العالقة.

يذكر أن الحكومة شكلت في آب أغسطس 2023، لجنة لوضع مسودة لقانون النفط والغاز وعرضها على الحكومة، لغرض التصويت عليها ومن ثم تمريرها لمجلس النواب، حيث ضمت اللجنة كلا من وزير النفط ووزير الموارد الطبيعية في إقليم كردستان ومدير عام شركة “سومو”، والكادر المتقدم في وزارة النفط الاتحادية، فضلا عن المحافظات المنتجة كالبصرة وذي قار وميسان وكركوك.

ومنذ سنوات، لم تحسم النقاط الخلافية بين بغداد وأربيل، لكن السوداني كشف مؤخرا، عن التوصل إلى اتفاق مع أربيل حول هذه النقاط، إلى جانب تضمين منهاجه الوزاري حسم هذه البنود، وأبرزها تشريع قانون النفط والغاز وتنفيذ المادة 140 بشأن المناطق المتنازع عليها.