رغم مضي سنوات.. شهداء برخ دون تعويض من تركيا والخارجية “تهمل” الملف

بغداد/ وسام الزهروني  

رغم مضي سنوات، وخاصة استهداف مصيف برخ في دهوك من قبل القوات التركية، والذي اوقع عشرات الشهداء والمصابين من النساء والاطفال، ليضافوا إلى عشرات غيرهم يسقطون بالقصف شبه اليومي لقرى العراق، إلا أن الحكومة العراقية لم تتقدم لغاية الآن بطلب للحصول على تعويض لذوي الشهداء والمصابين من قبل الدولة التركية.

فلم يفتح ملف التعويضات في المحاكم الدولية من قبل وزارة الخارجية العراقية، التي تتعامل مع هذا الملف “سياسيا” كما وصف من قبل النواب والخبراء بالشأن السياسي، وترك ضحايا العدوان التركي دون أي تعويضات من قبل نظام أردوغان، بل تم شمولهم بمؤسسة الشهداء العراقية وخاصة ضحايا مصيف برخ فقط.

وكان مصيف سياحي في قرية برخ التابعة لقضاء زاخو بمحافظة دهوك، تعرض إلى قصف مدفعي في 20 تموز يوليو 2022، أصاب وأودى بحياة 31 مدنيا أغلبهم من النساء والأطفال، وسط تأكيدات شهود عيان في المنطقة بأن هذا المصيف يقع عند حدود زاخو ويشهد زخما بالسائحين والمدنيين فقط.

وفي حينها، عقد مجلس الأمن الدولي، جلسته الخاصة بالشكوى التي رفعها العراق ضد الجانب التركي، وناقش فيها القصف دون صدور أي قرار ضد تركيا.

عارف الحمامي
عارف الحمامي

وحول هذا الأمر، ويقول عضو اللجنة القانونية البرلمانية عارف الحمامي، في تصريح لـ “روج نيوز“، إن “العراق لغاية الان لم يقدم أي شيء رسمي يطلب فيه من تركيا تقديم تعويض مادي عن الخسائر البشرية التي حدثت بسبب العدوان على الأراضي العراقية، خاصة هناك شهداء مدنيين وبعضهم من القوات الأمنية”.

ويضيف الحمامي، أن “جميع الشهداء الذي قتلوا بالقصف التركي من المدنيين تم احتسابهم ضمن الشهداء وسجلوا بشكل رسمي في مؤسسات الشهداء ولهم كافة المنح المالية وغيرها من الامتيازات كباقي حال شهداء العراق”.

ويشدد على أن “وزارة الخارجية العراقية مطالبة بشكل سريع اكمال الإجراءات القانونية ضد انقرة بشأن المطالبة بالتعويض المادي والمعنوي، فلا يمكن السكوت عن ذلك، فهذا السكوت سوف يدفع تركيا للاستمرار في ارتكاب المجازر بحق العراقيين سواء المدنيين او العسكريين”.

وأثار قصف مصيف برخ، الرأي العام الدولي، ووردت العديد من المواقف المساندة للعراق، وخاصة موقف فرنسا في حينها، لكن رغم هذا لم يتفعل الملف بشكل صحيح وكامل من قبل العراق، بل تبعته تأكيدات من السياسيين على توطيد العلاقة مع تركيا ونظمت زيارات رسمية لأنقرة من قبل المسؤولين في أعلى هرم السلطة.

والشهر الماضي، شنت القوات التركية عمليات عسكرية كبيرة في العراق وسوريا، منها مناطق متينا وخاكورك وقنديل بشمال البلاد، وأعلنت وزارة الدفاع التركية عن استهدافها 54 هدفا، حسب إدعائها.

وتواصل تركيا قصف الأراضي العراقية، واستهداف القرى والمدنيين، بمعاونة الحزب الديمقراطي الكردستاني، لكن لم يطرح هذا الأمر حتى الآن على طاولة المفاوضات بين بغداد وأنقرة ولم يوضع له حد.

سالم حواس
سالم حواس

من جهته، يبين الخبير في الشأن القانوني سالم حواس، في تصريح لـ “روج نيوز“، انه “لغاية الان لم نسمع او نرى أي شيء رسمي قدمته الحكومة العراقية بشأن أي تعويضات او غيرها ضد انقرة بسبب سقوط شهداء جراء القصف التركي على الأراضي العراقية طيلة الفترات الماضية”.

ويتابع حواس، أن “هكذا ملفات يجب ان تقدم لدى المحاكم الدولية المختصة وكذلك مجلس الامن الدولي والأمم المتحدة، وحسم هكذا ملفات في حال قدمت بشكل رسمي، يتطلب حسمها والبت فيها فترة طويلة جداً، وربما تكون اكثر من ثلاثة سنوات، فالأمر يتطلب تحقيقات ومرافعات عدة”.

ويؤكد الخبير في الشأن القانوني، أن “العراق يحق له وفق القوانين الدولية مطالبة انقرة بالتعويضات المادية والمعنوية جراء سقوط شهداء عراقيين بقصفها داخل المدن العراقية، كما ان المجتمع الدولي عليه انصاف العراق بهذا الملف، حتى وان لم يقدم العراق شكاوى، فالعدوان التركي واضح وانقرة تعترف به بشكل علني”.

إلى ذلك، يرى المحلل السياسي كاظم الحاج، في تصريح لـ “روج نيوز“، انه “لغاية الان مازالت المجاملات والضغوطات السياسية هي من تتحكم بالعلاقات الخارجية للعراق، ولهذا لا نرى أي تحرك عراقي حقيقي ضد انقرة بسبب عدوانها المستمر ضد العراق والعراقيين وسقوط شهداء جراء هذا العدوان”.

ويوضح أن “وزارة الخارجية تتعامل مع هذا الملف كملف سياسي، ولهذا نرى الخارجية دائما ما تكتفي في بيانات الاستنكار او تقديم مذكرات الاحتجاج، التي هي لا تعد اجراء رادع للعدوان التركي، الذي هو مستمر بسبب ضغط الموقف الرسمي العراقي تجاه هذا العدوان”.

ويشير إلى أن “رئيس الوزراء مطالب بالتدخل بشكل شخصي لمتابعة ملف مطالبة انقرة بالتعويضات المالية وغيرها جراء عدوانها على العراق وسقوط شهداء، فهؤلاء شهداء حرب وشهداء عدوان خارجي، ولهم حقوق وفق كل القوانين الدولية، ولا يجب التنازل عنها او المساومة بها لأجندة سياسية وحزبية”.

وكشفت “روج نيوز” في تقرير لها نشر مؤخرا، أن تركيا تسعى لفرض سيطرتها على المنطقة الكردية الممتدة من العراق إلى سوريا، مهما كان الثمن وتحت أي ذريعة.