بالارقام- حكومة الاقليم تحت ثقل الديون رغم الايرادات الضخمة.. ما العلّة؟

برهم لطيف

حكومة اقليم كردستان مديونة لموظفيها باموال تبلغ قيمتها 20 ترليون دينار عراقي، ما يثير التساؤل عما اذا كانت لدى الحكومة خطط دفع هذه الديون، ام ان الموظفين سيصبحون ضحية الازمة الى الابد وسيتم تناسي قيمة راتبهم المستقطعة؟.

بعد عام 2014، دفعت السياسية الاقتصادية التي انتهجتها حكومة اقليم كردستان بغداد الى قطع مستحقات اقليم كردستان من الموازنة المالية حيث قالت الحكومة المركزية ان الاقليم لم يلتزم بارسال النفط، باعتبار ان الاقليم بدأ حينها بتصدير النفط مستقلاً عن بغداد.

ومنذ ذلك الوقت يمر اقليم كردستان بازمة مالية ، غالباً ما يعزو مراقبون و خبراء الاقتصاد ظهورها الى سوء الادارة الاقتصادية و الفساد .

ووزعت حكومة اقليم كردستان على موظفيها رواتب 3 اشهر من اصل الاشهر الثمانية الماضية من هذا العام، اي ان الحكومة مديونة للموظفين برواتب 5 اشهر و تبلغ قيمتها نحو 4 ترليون و 475 مليار دينار عراقي.

كما حكومة اقليم كردستان لم تدفع رواتب 4 اشهر من عام 2015 وراتب شهر واحد من 2016، وهي الاخرى تبلغ قيمتها 4 ترليون و 475 مليون دينار.

الى ذلك، وبموجب قانون ادخارالرواتب التي فرضتها الحكومة على الموظفين في الاعوام الثلاث (2016-2017-2018) وقسم من عام 2019، أستقطعت الحكومة رواتب الموظفين بنسبة ما بين 25-70%،وهي ايضاً بلغت نحو 11.5 ترليون دينار.

بجمع هذه المبالغ المستقطعة من رواتب الموظفين، تصبح القيمة 20.5 ترليون عراقي تراكمت على عاتق الحكومة.

يتسائل موظفون في اقليم كردستان انه كيف ستتمكن الحكومة من ايفاء هذه الديون و اعادتها الى الموظفين الذي اصبحوا ضحية الازمة.

فيقول عبدالرحمن توفيق وهو من ذوي الاحتياجات الخاصة، انه يقبض شهرياً 100 الف دنيار، بغض النظر عن الراتب البسيط المخصص له، فهو لم يستلم سوى رواتب 3 اشهر من هذا العام، لذا ورغم اعاقته يتوجه يومياً الى السوق بغرض العمل و اعالة نفسه، حاله كحال جميع ذوي الاحتياجات الخاصة في هذه البلاد.

وبحسب تقرير مؤسسة ديلوت للرقابة النفطية ، فان اقليم كردستان صدرت خلال عام 2019 ، 158 مليون و 512الف و 960 برميل نفط خام والتي تبلغ قيمتها 8 مليار و438 مليون 601 الف دولار.

لكن و بعد دفع اجور الشركات العاملة ومصاريف التصدير بما فيها اجور الانبوب النفطي الى العالم، تبقى لاقليم كردستان من القمية الاجمالية تلك،2 مليار و942 مليون و694 الف دولار امريكي.

تضاف الى الايرادات النفطية المذكور اعلاه، رواتب موظفي اقليم كردستان للاشهر التسعة الاخيرة من العام الفائت 2019، وتبلغ 4 ترليون و 77 مليار، وقد دفعتها الحكومة المركزية للاقليم بموجب قانون الموازمة المالية لعام 2019.

اي ان المجموع العام للواردات النفطية في اقليم كردستان و ما ارسلته بغداد للاقليم خلال عام 2019 ، بلغت 7 ترليون و696 مليار و 514 مليون.

يقول “ابو سردار” وهو ايضاً موظف في القطاع التربوي باقليم كردستان، ان قيمة راتبه الشهري 600 الف دينار و بعد الاستقطاع اصبح 400 الف” ويضيف متهكماَ ” كيف يستطيع مواطن ومعه عائلة كبيرة العيش بهذا المبلغ البسيط، هذا بغض النظر ان ذلك الراتب يتم توزيعه كل شهرين.

وحجم ميزانية اقليم كردستان لم ينتهي عند حد الـ 7 ترليون و النصف خلال العام الفائت، بل باضافة الواردات الداخلية والتي تبلغ 200 مليون دولار اي (2 مليار و 400 مليون دولار سنوياً) اضافة الى 21 مليار دينار التي قدُمت شهرياً لقوات البيشمركة كجزء من المساعدات الدولية و التي تقدر بـ(252 مليار دينار خلال 2019) ، بذلك يصبح المجموع العام 10 ترليون و 900 مليار و 514 مليون دينار.

يعتقد الخبير في شؤون الاقتصاد نبرد كريم ان حكومة اقليم كردستان خلال الفترة 2005-2014 ،لم تمتلك خطة استراتجية طويلة المدى لتنظيم الوضع الاقتصادي في اقليم كردستان، علماً ان قيمة الموازنات المالية التي حصل عليها الاقليم من بغداد تبلغ 100 مليار دولار امريكي، ورغم ذلك لم تتمكن وضع خطط و برامج تطوير الفضاء الاقتصادي وخاصة على مستوى القطاعات الزراعية و السياحية و الصناعية.

وقال كريم : كان على الحكومة ان تختار الحل الامثل للازمة وهو تنظيم المصاريف وتنظيف قوائم الموظفين من الفضائيين(الاسماء الوهمية) وعددهم بالالاف، اضافة الى ادارة شفافة لواردات النفط و المنافذ الحدودية، ثم وضع كل هذه الاموال في خزينة وزارة المالية حينها ستتمكن الحكومة من صرف رواتب موظفيها بوقتها ودون استقطاع.

وحول نية الحكومة من عدمها لاعادة الاموال المستقطعة من رواتب الموظفين الى اصحابها، قال العضو المستقل في البرلمان سيروان بابان، ان الحكومة ليست نزيهة حتى تقوم باعادة مستقطعات الرواتب الى الموظفين.

وبرأي النائب فان عدة عوامل تقف وراء فشل اقليم كردستان في الحصول على الاموال من بغداد، هو ضغوط بعض الكتل العراقية على الحكومة المركزية تحول دون ارسال الاموال الى الاقليم، وعامل اخر يعود الى ضعف وفد التفاوض الكري مع بغداد،والعامل الثالث هو ان حكومة اقليم كردستان لم تلتزم بارسال الكمية المطلوبة من النفط الى بغداد، ولم تلتزم بالاتفاقيات و الموازنة.

والسبب الذي يقف وراء عدم تمكن حكومة الاقليم من ارسال النفط الى بغداد هو تورطها باتفاق الـ50 عام مع تركيا، على حد ذكر النائب الذي اشار ايضاً الى انعدام الثقة بين حكومة الاقليمن والمركز.