شارع المتنبي.. عندما تجتمع شرائح المجتمع تحت ظلال الكتب

بغداد

منذ إعادة ترميمه والحفاظ على تاريخه، تحول شارع المتنبي الشهير بمكتباته في العاصمة بغداد، إلى مركز جذب لكافة شرائح المجتمع، وبمختلف توجهاتهم وثقافتهم، حتى اقترب من أن يكون متنفسا للعائلات البغدادية.

ومنذ ساعات الصباح الأولى إلى منتصف الليل، لاسيما أيام العطل الرسمية، يعج الشارع بالزوار، إلى جانب تجول السائحين فيه من مختلف الدول، للاستمتاع بالفعاليات الثقافية والفنية فيه.

تجول فريق وكالة “روج نيوز” في شارع المتنبي، وفيه التقت بالتيك توكر داليا، حيث تقول إن “الاجواء في شارع المتنبي جميلة جدا لا سيما في هذه الأيام الربيعية”.

وتضيف أن “هناك حركة قوية لرواد هذا الشارع الثقافي، وهذه إن دلت على شئ فتدل على الأمن والسلام الذي يعم أرجاء الشارع ونتمنى أن يعم على جميع المدن العراقية”.

وتتابع أن “الحركة لا تقتصر على الشباب، أنما على الجميع حيث تجد العوائل وكبار السن والسواح من مختلف البلدان”.

ويبلغ طول الشارع نحو كيلومتر واحد ويؤدي إلى إحدى ضفاف نهر دجلة، يتقدّمه تمثال كبير للمتنبي، وينتهي بنصب خطّ عليه بيت من أبيات قصائده الشهيرة.

وتتفرّد بغداد بشارع المتنبي الشهير منذ إنشائه خلال العصر العباسي تحت اسم سوق الورّاقين، فهو يعدّ إلى غاية اليوم سوقا مزدهرة بالكتب، إذ يعجّ بالمئات من المكتبات التي تعرض آلاف العناوين والإصدارات وحتى المخطوطات النفيسة، فضلا عن باعة الأرصفة، حيث يفترش أصحابها آلاف الكتب الحديثة والنادرة، بالإضافة إلى ما تحتضنه المنطقة من معارض فنية ومجالس ومنتديات ثقافية ومنابر للرأي في ساحات الشارع ومقاهيه.

وفي 2021، خضع الشارع بمكتباته لإعادة ترميم استمرت أشهرا وذلك بهدف أن يستعيد هذا الشريان الحيوي في العاصمة العراقية البعض من مجده السابق.

إلى ذلك يؤكد داود سلمان، أحد رواد شارع المتنبي في تصريح لـ”روج نيوز“، “اننا اليوم في أحد الشوارع المهمة في بغداد الحبيبة، حيث يعتبر شارع المتنبي ملتقى الأسر العراقية، وخاصة في أيام الجمع والعطل”، مبينا أن “الشارع يتميز بوجود الفنانيين والرسامين والكتاب والرياضيين وحتى الشخصيات الإعلامية المعروفة”.

ويضيف، أن “احتواء شارع المتنبي على الأماكن الثقافية كالقشلة والبيت الثقافي أضاف له ميزة اخرى”، لافتا إلى أنه “اذا اردت التعرف على الثقافة العراقية واهاليها فتجدها في شارع المتنبي، حيث تشعر بالراحة مجرد دخولك الشارع”.

ويتابع، “الجميع هنا أسرة واحدة تضم جميع مكونات وطوائف العراق، حيث اننا نستقبل الرواد بالورد الابيض دلالة على القلوب الطيبة والنية الصافية”.

وتعرض الشارع في الخامس من مارس آذار عام 2007 لتفجير بسيارة مفخخة أدى إلى مقتل 30 شخصا من المتسوقين، وتسبب في تدمير العديد من الأبنية القديمة، فقد انهارت المكتبة العصرية بشكل كامل، وهي أقدم مكتبة في الشارع تأسست منذ عام 1908، كما دمر مقهى الشابندر واحترقت الآلاف من الكتب بدمار مكتبات ومطابع كثيرة، وأصبحت العديد من المباني البغدادية الأثرية في المنطقة ركاما منثورا، فكان ذلك مشهدا مأساويا لا تزال مرارته حاضرة في أذهان المثقفين العراقيين.

وفي 2008، أعيد افتتاح شارع المتنبي مجددا بعد إعادة إعماره وإضافة رمزه التاريخي الشاعر أبي الطيب المتنبي عبر إقامة نصب جديد له من البرونز بمحاذاة نهر دجلة، كما قامت محافظة بغداد بإعادة تأسيس المركز الثقافي البغدادي ليضم عدة قاعات تحمل أسماء أعلام العراق وفنانيه، خصصت للندوات الثقافية والمنتديات الشعرية والمهرجانات والمعارض الفنية المختلفة.