محمود رزا: الحكومة العراقية الجديدة تواجه اعباء كبيرة

أعرب البرلماني العراقي السابق محمود رزا عن أن حكومة عادل عبدالمهدي ستواجه صعوبة في تنفيذ برامجها بسبب المشاكل المستفحلة في البلاد ، الاقتصادية منها والمياه، والبطالة، والخدمات العامة، والكهرباء والصحة. كما لفت رزا إلى أن دور القوى الكردية في حل المشاكل سيكون ضعيفاً بسبب تشتتها وانقساماتها الكثيرة.


جاءت تصريحات محمود رزا خلال مقابلة أجرتها وكالة ROJ للأنباء حول المشاكل التي تنتظر الحكومة العراقية الجديدة، مثل مشكلة “المناطق المتنازع عليها – المادة 140، والتدخلات العسكرية الخارجية، والمشاكل العالقة بين العراق وإقليم كردستان”، بالإضافة للحديث عن برنامج الحكومة لحل جميع المشاكل.

 

– بعد فترة طويلة تم تشكيل الحكومة العراقية الجديدة، لكن لا تزال بعض الوزارات شاغرة. كيف تنظرون إلى تشكيلة الحكومة الجديدة؟

يمر العراق عبر مرحلة حساسة جداً، العائق الأول هو عن طريق هذه الحكومة. فهناك شكوك كبيرة حول انتخابات البرلمان العراقي يوم 12 أيار. الحكومة الحالية لا تملك الهيبة. كما أن الأطراف الممثلة للمكونات العراقية ليسوا كما قبل، عادل عبدالحميد الآن أصبح رئيساً للوزراء بتوافف جميع الأطراف. وسيعمل عادل عبدالمهدي بحسب مطالب هذه الأطراف كي تبقى راضيةً. وتشير مصادر عراقية محلية إلى أن تحالف البناء قريب من إيران، أما تحالف الإصلاح فهو مقرب الأمريكيين. وعندما ننظر إلى الموضوع نجد أن هناك تنازعاً كبيراً بين البلديان، وبالتأكيد سيؤثر هذا الشيء على حكومة عادل عبدالمهدي. كما سيجلب معه مشاكل مثل المياه والبطالة والخدمات والكهرباء والصحة لتؤثر بشكل كبير على الحكومة العراقية. أكبر فرصة للحكومة العراقية للنجاة من كل مما سبق هو زيادة انتاج النفط ورفع قيمتها.

– بعد تحديد الوزراء، تم الكشف عن البرنامج الحكومي، ماذا تقولون عن البرنامج الجديد للحكومة؟

البرنامج الحكومي الجديد لهذه المرحلة هو برنامج مثالي. لكن الشروط والظروف الحالية تصعب من تحقيق هذا البرنامج. وكمثال على ذلك، قيل في الأيام الأخيرة أنه بدأ الحرب ضد الفساد. وأنا برأيي الانتفاضات التي يقوم بها داعش والقاعدة هي نتيجة عدم وجود العدالة وانتشار الفساد. وفي الحقيقة سيمنح هذا الفساد إن لم يتم محاربته الأرضية المناسبة للمجموعات الإرهابية كي تنفذ هجماتها. يمكن إزالة الفاسدين بطريقتين، الأولى عن طريق تنفيذ القوانين، فإذا لم تتمكن من إزالة الفساد من الأساس لن تستطيع أن إلا أن تقبض على الأسماك الصغيرة، ولن تستطيع القضاء على الفساد. المهم هنا هو هل بمقدور عادل عبدالمهدي أن يقضي على الفساد. برأيي لن يستطيع فعل ذلك، لأن هؤلاء الأشخاص يملكون السلطة والقوة والاقتصاد.

 

– هل تعتقدون بأن برنامج الحكومة الجديد سيتمكن من حل مشاكل العراق؟

من الناحية النظرية بإمكان البرنامج أن يحل المشاكل، لكن من الناحية العملية سيواجه هذا البرنامج الكثير من الصعوبات والعوائق. عندما أعلن عن الاتفاق بتكليف عادل عبدالمهدي برئاسة الوزراء، قالها عبدالمهدي بنفسه، بأنه لا يريد هذه الوظيفة لبعض الأسباب. وكمثال على ذلك، عندما أراد فتح قضية الفساد، قام البعض من كبار الفاسدين بعداوته. لكن عندما أصبح رئيساً للوزراء كانت الرسالة التي طفت على السطح أن عبدالمهدي أصبح رئيساً للوزراء بإرادته. مما يعني أن الأطراف متفقة وراضية من الأسفل عن هذا الشيء. لكن ما ظهر أثناء فترة انتخاب الوزراء أن عادل عبدالمهدي لا يملك سلطة قوية. وهنا أيضاً ظهر أن دور رموز الفساد في الأمام.

– مشكلة المناطق المتنازع عليها لا تزال قائمة، برأيك هل بمقدور هذه الكابينة أن تحل مشاكل تلك المناطق؟

لا ليس بمقدورها، قسم كبير من هذا الأمر في رقبة الكرد. كان لدى الحزب الديمقراطي الكردستاني تخوفاً من عودة النواحي المتنازع عليها إلى إدارة إقليم كردستان. فقد كانت ستغير من توازنات القوى في هذه المنطقة ضد الحزب الديمقراطي الكردستاني. فأغلبية سكان هذه المناطق لم يكونوا من مناصري الحزب الديمقراطي الكردستاني. لذلك كان الحزب الديمقراطي من بين القوى التي سعت دائماً إلى عرقلة عودة هذه المناطق. منذ 13 عاماً قطعت الإدارة الكردية التي كانت تحكم هذه المناطق أملها من عودة المناطق إلى حضن إقليم كردستان. لو أن كل من الاتحاد الوطني الكردستاني والحزب الديمقراطي الكردستاني حكموا هذه المناطق بشكل جيد هذه المناطق ولم يمارسوا النهب والسلب، لكان بمقدورهم خلق حياة مشتركة ترضي جميع المكونات. إلا أنه في الحقيقة حتى الكرد تعبوا من طريقة الحكم الكردية، كما لم تبدي العراق أيضاً أية محاولات جدية لحل مشاكل هذه المناطق.

 

– بعد الاستفتاء الذي أجري يوم 25 أيلول من عام 2017 الماضي في إقليم كردستان. ظهرت العديد من المشاكل الاقتصادية والسياسية بين بغداد وهولير. لكن كل من بغداد وهولير تشهدان الآن انتخابات وبناء حكومة جديدة. كيف سيكون مستقبل العلاقات بين الطرفين خال الفترة الجديدة؟

إذا لم يكن الإقليم مرتبطاً باتفاقية إرسال النفط ستظهر الكثير من المشاكل. فـنسبة 80% من عدم التوافق بين هولير وبغداد يرجع سببه إلى إقليم كردستان. عملت هولير خلال السنوات الفائتة على هدم العلاقة. كانوا يطمحون إلى بيع نفط كركوك بشكل مستقل ،وخاصةً الحزب الديمقراطي الكردستاني كان يسعى إلى هدم العلاقة مع بغداد بشكل كامل. وبشكل آخر كانوا يوجهون عبر الاستفتاء رسائل إلى بغداد بأنهم لا يريدون المفاوضات،. لم يكن الإقليم يسير بحسب اتفاقية إرسال النفط وكان تتحرك من دون الرجوع للعراق. وأمام ذلك، سحب العراق الميزانية من الإقليم. أنا آمل أن يتفق الطرفان وينهيا المشاكل العالقة بينهما. لكن إن لم يلتزم الإقليم بقانون الميزانية لهذا العام، ستبدأ المشاكل من جديد بالظهور.

 

-خلال السنوات الأربعة الأخيرة الموضوع الأمني في العراق كان من أهم وأبرز المواضيع. حيث تتدخل البلدان الأجنبية بمختلف الحجج في الشؤون العراقية، وتتجاوز حتى السيادة العراقية. وبشكل خاصة تواجد تركيا في بعشيقة وتأسيسها لقواعد عسكرية في بعض الأقضية الأخرى من إقليم كردستان. حاولت حكومة العبادي قبل الآن عدة مرات إخراج تركيا. كما قررت الحكومة العراقية السابقة توثيق انتهاكات الجيش التركي على المنطقة الحدودية بين إقليم كردستان وتركيا وإعدادها على شكل تقارير وتقديمها للأمم المتحدة. لكن تركيا لم تصغي إلى الاستياء العراقي حتى الآن. لكن هل ستتمكن الحكومة الجديدة في الحد من التدخلات الخارجية؟

من الصعب أن تقف العراق أمام الجنود الأتراك، لأن وضعها الداخلي يعاني من فوضى. كما أن العراق تضم الكثيرين ممن يدعمون تركيا. ومن بين الكرد هناك الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي يعتبر مكانيزما بيد تركيا. لأن هذا الحزب يقوم بفتح الطريق للجنود الأتراك. كما أن قسم من السنة والتركمان محسوبون على الأتراك. ناهيك عن وجود ضعف في ضبط الأمن، الذي سببه الدول الأخرى. كما تدعم بعض الدول العربية سياسة العرب، كل ما سبق هي مشاكل جدية. لأن منبع مياه الشرب هي في يد الأتراك، اليد التركية أقوى من اليد العراقية. وفي الحقيقة هناك حاجة إلى إرادة جميع الأطراف قبل كل شيء.

 

– ماذا على الكرد أن يفعلوه من أجل حل مشاكل المناطق المتنازع عليها، والمشاكل العراقية، وما الدور الذي ينبغي عليهم أن يلعبوه في الحكومة العراقية؟

الكرد ليسوا مراكز لصنع القرارات الحالية، كما أنهم لا يصغون إلى نتائج الأبحاث العلمية. يملك الحزب الديمقراطي الكردستاني برنامجاً، فيما يملك كل من الاتحاد الوطني الكردستاني وحركة التغيير مشاريعاً خاصة. لذلك لا يمكننا الحديث عن الكرد هنا، لأنه لا يوجد مركز يتم فيه إصدار القرارات التي ترضي الجميع. لكني على أمل أن يترك هؤلاء سياستهم هذه، لأن وضع الناس يسوء يوماً بعد يوم بسبب الفساد وسرقة النفط. أنا آمل أن يتحركوا بحسب قوانين الحكومة الفدرالية العراقية. لأنك إما أن تكون جزء من العراق أو لا تكون. لأنهم عندما أرادوا أن ينفصلوا، فشلوا. لذلك من المفترض عليهم أن يجلسوا كي يعيش المواطنون في أمان. يجب ألا تتجه أنظارنا إلى النفط والبترول فقط، يجب أن ننظر إلى الأمور الأخرى مثل تحسين الخدمات.

 

– كيف تقرؤون زيارة البرزاني إلى بغداد؟

آمل أن يكون البرزاني قد استفاد من التجارب والدروس السابقة، فإن كان الحزب الديمقراطي الكردستاني قد تخلى عن طريقة الحكم التي تسعى إلى وضعنا جميعاً تحت خدمتهم، فمتأكد أن الزيارة إلى بغداد ستكون ناجحة. أما إذا كان ذاهباً إلى هناك من أجل استلام الوظائف، فسيكون كل العمل غير مجدياً.

 

أجريت خلال الفترة الماضية الكثير من الملتقيات الحزبية في العراق وإقليم كردستان، مما أدى إلى تأزم العلاقات بين العراق والإقليم. فضلاً عن أن رئيس الحزب الديمقراطي يزور بغداد من رأسه ودون تشاور مع أحد، فهل هذه الزيارة الشخصية لن تؤذي مكتسبات الإقليم؟

بالنسبة لي، زيارة البرزاني إلى بغداد  شخصية، لأنه رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني ولا حاجة لأن يذهب أحد معه. الإظهار بأن الحزب الديمقراطي الكردساني بأنه قوة أساسية في الإقليم بعد الانتخابات خطوة غير صحيحة. لأنه حصلت حالات تزوير كبيرة في الانتخابات. لذلك هناك خطر من أن يعتبر العراقيون بأن الديمقراطيالكردستاني هو الحقيقة الحالية. لكن الحقيقة ليست كذلك، لأن هذا الحزب حصل على أغلب كراسيه عن طريق التزوير. لا يفكر الحزب الديمقراطي الكردستاني بشيء آخر غير مصالحه، وبإمكانها أن تتفق وتتحالف مع جميع أعداء الكرد من أجل أن تضمن مصالحها. على الأحزاب الأخرى أيضاً ألا تسير في هذا الطريق. الظروف والشروط الحالية خلقت معها مرحلة جديدة، وأنا أطلق عليها “مرحلة التحالفات الوطنية”. حيث أنه على جميع القوى الأخرى عدا عن الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني أن تجتمع حول برنامج وطني موحد. وأن يتجهوا إلى بغداد والدول الأخرى معاً، من أجل إجراء المحادثات.