هل تطبيق المادة 140 سيفي بمطالب الكرد؟

مركز الأخبار

عادت قضية المادة 140 مرة أخرى إلى جدول أعمال بغداد، خاصة مع حل مشاكل المناطق الكردية خارج إقليم كردستان. هذه المقالة هي إحدى القضايا التي كان العراق يتجنبها منذ 17 عاماً وحكومة إقليم كردستان كانت غير مبالية بها. لذلك وبحسب رأي المراقبين فإن إقليم كردستان قد لا يتمكن من تحقيق أي نتائج في هذا الشأن.

وقال وزير العدل العراقي خالد الشيواني في مؤتمر صحفي ليلة 28 تشرين الثاني / نوفمبر 2022 ببغداد: “في الأيام القليلة الماضية، بقرار من رئيس الوزراء العراقي، تم تشكيل المفوضية العليا لتطبيق المادة 140 من دستور العراق”.

وأعلن الشيواني أن الهيئة ستجتمع في الأيام المقبلة وستعرض الميزانية اللازمة لها على مجلس الوزراء. ليتم تضمينها في مشروع قانون موازنة 2023.

على مدى 17 عاماً لم يحرز ملف المادة 140 بين هولير وبغداد أي تقدم. لقد أصبحت إحدى مشاكل العراق منذ عام 2003، لم ترغب أي حكومة عراقية في التعامل مع هذه القضية الحساسة. لهذا السبب لا يوجد آفاق واضحة للمستقبل فيما يتعلق بهذه القضية.

ما هي المادة 140؟

بعد الإطاحة بنظام صدام حسين عام 2003، اتفق الكرد والعرب على قضية كركوك وتلك المناطق الأخرى الخارجة عن السلطة الكردية – مثل شنكال وخانقين ومخمور وبعض المناطق الأخرى – إلا أن الأطراف الكردية التي ترى هذه المناطق تابعة لها وجزء من كردستان وتدعو لحل القضية بطريقة قانونية.

لهذا، تم تضمين بعض المواد في دستور العراق فيما يخص تلك المناطق. في البداية أشارت المادة 58 من الدستور العراقي إلى حل مشكلة تلك المناطق، ثم أصبحت هذه المادة “المادة 140” من الدستور العراقي. وبحسب المادة 140، يجب حل قضية المناطق المتنازع عليها، بما في ذلك مدينة كركوك، على ثلاث مراحل.

في المرحلة الأولى يجب أن يعود اللاجئون الكرد إلى أماكنهم السابقة وتعويضهم، والعرب الذين طردوا من أماكنهم يجب أن يعودوا إلى أماكنهم السابقة وتعويضهم، في المرحلة الثانية، إجراء تعداد سكاني، وفي المرحلة الثالثة يجب إجراء إستفتاء لمعرفة مصير هذه المناطق.

وبحسب المشروع، كان من المفترض أن تنتهي هذه العملية في نهاية عام 2007. ولكن مرت 15 سنة حتى الآن، لم يتم فيها سوى دفع تعويضات لجزء من المواطنين الذين هاجروا من هذه المناطق، ولم يتم إتخاذ أي خطوة أخرى لتطبيق هذه المادة.

في عام 2014، خلال الحرب ضد مرتزقة داعش، انتشرت القوات الكردية على جميع الحدود الخاضعة للمادة 140 وذهبوا إلى آخر نقطة على حدود إقليم كردستان. وظلت هذه المناطق في أيدي قوات حكومة إقليم كردستان لمدة 4 سنوات، لكن لم يتم إتخاذ أي خطوات لحل قضية هذه المناطق وتنفيذ المادة 140 من قبل العراق. ومؤخراً، في 16 أكتوبر / تشرين الأول 2017، عادت هذه المناطق مرة أخرى لسيطرة القوات الحكومية العراقية.

في 30 تموز / يوليو 2019، أعلنت المحكمة الإتحادية العراقية أن المادة 140 من دستور العراق لا تزال سارية المفعول وستستمر حتى الوفاء بمتطلباتها.

مجدداً أصبحت هذه القضية على جدول أعمال حكومة محمد شياع السوداني وجزء من أولوياته. وبحسب الخبراء، فإن الكرد في بغداد ليسوا موحدين ويخلقون عقبات أمام العمل المشترك. وبسبب ذلك، يصعب تنفيذ المادة 140.

تحدث الكاتب لطيف فاتح فرج لـ Rojnews وقال: “في رأيي، الحكومة العراقية والعقلية التي تحكم كركوك حالياً، أرى أنه من الصعب جداً تنفيذ هذا المشروع في وقت معين”.

فيما يتعلق بسؤال، هل قام الكرد بعمل جاد خلال الـ 17 سنة الماضية بتطبيق المادة 140؟ أجاب لطيف فاتح: “المشكلة الكبرى للكرد أنهم ليس لهم رأيي واحد في العراق. العقبات تتداخل مع عملهم مع بعضهم البعض.غالباً ما تكون مصلحتهم الحزبية أكبر من مصلحتهم الوطنية. لذلك، إذا عمل كل من الديمقراطي الكردستاني والإتحاد الوطني الكردستاني معاً بشأن هذه المشكلة، فسيكون بإمكانهما تحقيق نتيجة ملموسة.”

 تغيير التركيبة السكانية للمناطق القديمة في المادة 140

بعد أحداث 16 تشرين الأول وعودة الحكومة العراقية إلى كركوك وأماكن أخرى، وصلت موجة كبيرة من العرب من خارج كركوك وجلولا وأماكن أخرى لقطنوا كركوك. على وجه الخصوص، في بلدة سركران، استولوا على الأراضي الزراعية للكرد.

وبحسب إحصائيات غير رسمية، تم إحضار ما يقارب من 600 ألف عربي من مناطق عراقية أخرى إلى حدود كركوك ومناطق تابعة للمادة 140 بعد أحداث 16 تشرين الأول 2017. لذلك، يُنظر إلى هذا على أنه تهديد كبير لديموغرافية المنطقة.

وبخصوص هذا الموضوع، قال لطيف فاتح فرج: “الآن هناك خطر كبير يتمثل في تغيير التركيبة السكانية في المنطقة. وقد وصل عدد كبير من العرب، فيما يغادر الكرد تلك المناطق. باعت العديد من العائلات الكردية أراضيها وغادرت. حتى لو عدنا قبل أحداث 16 أكتوبر، فإننا ما زلنا في وضع لايسمح لنا بالتأثير على الأطراف الأخرى وتنفيذ المادة 140”.

عرب وتركمان كركوك ضد تفعيل المادة 140

وبعد أن أعلن وزير العدل العراقي خالد الشيواني عن تشكيل هيئة لتنفيذ المادة 140، أبدى مجلس كركوك العرب والتركمان على الفور معارضتهم لتأسيس هذه اللجنة.

أعرب مجلس كركوك العربي في 3 كانون الأول (ديسمبر) عن معارضته لتفعيل المادة 140 وأعلن عن رفضه تفعيل المادة 140. واضاف ان “الدستور العراقي كتب على عجل وهناك الكثير من الأخطاء فيه. لم تتمكن جميع الحكومات السابقة من تنفيذ العديد من موادها. وحتى لو تم تطبيق جميع مراحل المادة 140 فان محافظة كركوك ستذهب الى مصير مجهول”.

كما رفضت الأحزاب والتنظيمات التركمانية في كركوك والعراق تطبيق المادة 140 من الدستور العراقي في مؤتمر صحفي عقد في بغداد في نفس اليوم (3 كانون الأول). ودعت الأطراف التركمانية القوات العراقية إلى عقد إتفاق سري حول الموضوع بدلاً من تطبيق المادة 140. لأن تطبيق المادة 140 لن يحل مشاكل محافظة كركوك وسيفشل الوضع الأمني للمحافظة.

وبحسب رأي الخبراء، بغض النظر عن حقيقة أن بغداد وهولير ليس لديهما إرادة قوية لتنفيذ المادة 140، فإن التدخلات الخارجية لها تأثير مباشر على الأمر. وتحديداً الدولة التركية التي تريد تعزيز نفوذها ومكانتها في كركوك من خلال التركمان. كذلك، إذا تم تنفيذ خطوات تنفيذ المادة 140 كالإحصاء والإستفتاء في كركوك والمناطق الأخرى الواردة في المادة 140، فسيكون الكرد أول الضحايا.