إقليم كردستان والعراق… ضحايا الصراع الأمريكي الإيراني

بنار هيدايت

شهدت إيرلت أمس الخميس يوما تراجيديا، فمن جهة كانت ذكرى اغتيال الشخص الثاني في السلطة الإيرانية وهو قاسم سليماني، ومن جهة اخرى وقوع انفجار هائل قرب ضريح قاسم سليماني في محافظة كرمان، والتي راحت ضحيتها المئات من الاشخاص.

ماذا حدث في محافظة كرمان؟

في الوقت الذي كان مسؤولون إيرانيون وعدد كبير من المواطنين يستذكرون ذكرى اغتيال قائد فيلق باسداران الإيراني “قاسم سليماني” في محافظة كرمان حول انفجاران هائلان المراسم إلى عزاء دموي.

وقد حمل الحدث خطابا سياسيا معقدا في طياته إلا أنه ولحد الآن لا يعرف مصدره، هل هم الأمريكان أم الإسرائيليين؟ أم يد من الداخل الإيراني؟ فضلا على أن هذا الحدث أتى في ذكرى اغتيال سليماني.

مراقبون سياسيون حللوا الحدث بأنواع من التحليلات الدموية التي طالت القلب الإيراني، والذي هي المرة الاولى التي يشهد فيها إيران هجوما من هذا النوع وبهذا الشكل.

وقد صرح أحمد ميره المراقب السياسي حول هذا الموضوع لروج نيوز قائلا: “مما لا شك فيه أن امريكا قد أعطت رسالة واضحة قبيل هذا الحدث وهي تصفيتها واغتيالها العالم الذري قبل سنوات بالقرب من طهران، وهذه إشارة واضحة بأن أمريكا تريد ان تقول لإيران أن باستطاعتي أن أصل إليك في أي مكان توجد، وفي أية لحظة أريد، وتحريك سفنه الحربية في البحر الأحمر واقترابها من إيران والشرق الأوسط إشارات واضحة بأن أمريكا تحضر نفسها لخوض معركة كبيرة وشرسة ضد إيران لأن قاسم السليماني قد أصبح الأيقونة للصراع بينهم”.

وأضاف: “اغتيال سليماني وإعادة الاستهداف في يوم استذكاره وفي نفس المكان خطاب آخر، ولم تكن إيران تنتظر ذلك بل كانت تنتظر الاعتذار من قبل أمريكا بقيامها بعملية الاغتيال أو يكون له موقفا مختلفا، ولكن هذه العملية الأخيرة تأكيد على أن سياسة أمريكا تجاه إيران وفي كلتا الحقبتين منذ ترامب وإلى بايدن هي سياسة ثابتة وصريحة”.

العراق ساحة لتصفية الصراعات

بعد سقوط النظام في العراق ومنذ 2023 وللعراق الكثير من المالكين وأولياء الأمور وبشكل بات لكل دولة وبهواه وكيفما يشاء داخل الاراضي العراقية وخارجها وخصوصا أمريكا وإيران، وهيمنة كلتا الدولتين واضحة على القوميات والمكونات العراقية.

ويؤكد أحمد ميره على أن “كلا من أمريكا وإيران تتاجران بالعراق، ففي السابق كانت بينهم حربا معلنة وواضحة والسلوك الأمني والعسكري الأمريكي في العراق كان إشارة بأن لأمريكا أو إسرائيل أو القريبين منها سيكون لهم ردود أفعال من هذا النوع، لذلك فإن حدث كرمان ليس بحدث مفاجئ وآني من الناحية السياسية بالنسبة إلى الراي العالمي بل إنها من جراء الطبيعة غير المستقرة للعلاقات الأمريكية الإيرانية ويجعل من الحدث أمرا طبيعيا”.

ويعتقد المراقب السياسي أن “دائرة الصراع لا تنتهي هنا بل ستكبر أكثر فأكثر لأن معظم التوقعات قالت بأن عام 2024 سيكون عام سقوط العراق ويبدو أن الأمر كذلك، تتفكك الحكومة العراقية وتتفكك من جرائها النظم لسياسية والاقتصادية والعسكرية لأن العراق ليس بدولة مستقلة بل إنها عبارة عن دولة ظل”.

ويوضح أحمد ميرة في حديثه أن “قسما من العراق تديره أمريكا وقسم آخر منه يدار من قبل إيران، وقسم ضئيل منها لتركيا والسنة مثل السعودية والقطر، لذلك يكون للتوقعات تأثيرات فعالة على العراق وإقليم كردستان إلى حد يتوقع فيها السياسيون بسقوط العراق في 2024”.

دفع إقليم كردستان ضرائب ثقيلة عند الهجمات على إيران أو امريكا أو تركيا أو الفصائل المسلحة جنوب العراق، وخصوصا أن إيران تريد الآن جر إقليم كردستان إلى داخل صراعها مع أمريكا وبشكل يدفع إقليم كردستان كامل الضريبة، ومن وجهة نظر أحمد ميره فإن تبعات حادثة كرمان ستترك أثرا بالغا على إقليم كردستان.

يقول أحمد ميرة إن “إيران تحاول جاهدا جر إقليم كردستان إلى معركتها ضد أمريكا بطريقة غير مباشرة، وذلك حسب عدة إشارات أولها ما يسمى الاتفاق الأمني بين إيران والعراق، اتفاق القوى السياسية المناهضة لإيران في إقليم كردستان كانت هناك أحاديث في السابق وتحديدا في شهر تشرين الثاني حول تجريد القوى المسلحة المعارضة الإيرانية، حتى تقلل من النشاطات العسكرية وبالفعل تمت ذلك”.

ويتابع ميرة في حديثه ويقول “الإشارة الثانية تكمن في المسيرات المحلقة في سماء هولير العاصمة وثالثهما طلبه رسميا يوم أمس تسليم عدد من المسؤولين المعارضين الكرد إليه والموجودين داخل إقليم كردستان، وفي كل الأحوال تؤدي هذه الحالة إلى تأثير غير إيجابي على إقليم كردستان وموقعه السياسي والاقتصادي والعسكري أيضا، فحتى عدم اتفاق إقليم كردستان مع الحكومة الاتحادية من الناحية السياسية سببها إيران وخصوصا محو أو تقليص ما يدور في ذهن العراق وما يسمى إقليم كردستان ويحاول تصغيره حد الإمكان”.

إن حكومة إقليم كردستان والتي أطلقت عليها الأمريكان في السابق الحكومة الكرتونية تم تحذيره من قبل الغرب بما سيحدث في المستقبل القريب وإن حالة الإقليم لن تبقى كما هو الآن، فمثلا تصريحات بلاسخارت تؤكد حدوث تغيير في سياستها تجاه الإقليم، سياسة تجويع ومشاكل اقتصادية التي واجهتها إقليم كردستان بعد أحداث 16 أكتوبر مؤشرات على أن الإقليم يعيش حالة غير مستقرة من قضايا أمنية واقتصادية وسياسية، إن اقليم كردستان مكون حقيقي ومصدق من قبل السياسات الإقليمية والدولية وأي تغيير يطرأ على هذا المكون يؤثر على إقليم كردستان.

وحول ماذا سيحدث مستقبلا في إقليم كردستان يقول احمد ميره: “القرارات ليست بأديينا لكوننا ليس لنا أي صلاحية لذلك لكي نخطط استراتيجيات عسكرية واقتصادية وسياسية ونكون بمأمن من تلك المعركة، بل أن إقليم كردستان فعلا دخل تلك المعركة حتى قبل أن تعلن، توقعات معهد واشنطن لسياسات الشرق الأوسط وباقي المعاهد العالمية لشرق الأوسط ليست بتوقعات مفرحة، فلا يعطينا أي واحد منهم إشارات وإيحاءات إيجابية لنا بأننا سنكون على ما يرام وستكون الأمور بخير في إقليم كردستان”.

ويتوقع المراقب السياسي بأن التوقعات لإقليم كردستان والعراق في 2024 لا تبشر بالخير لذلك يقول: “لو كانت لدينا في السابق مشاكل اقتصادية فمن الآن وصاعدا ستكون لنا مشاكل أمنية وعسكرية أيضا إلى حد يتم تقسيم كردستان مرة أخرى”.

“رموز إيران وغزة أسباب اخرى لهجوم كرمان”

تطارد أمريكا على الدوام الرموز الرئيسة لإيران، فمثلا قاسم السليماني ورفاقه، العالم الذري الإيراني وعشرات آخرين، فكل هؤلاء هم في مرمى المنظار الأمريكي لأنها تريد أن تبعد “قم” عن السلطة المباشرة للدولة الإيرانية.

احتمالية أخرى تكمن في توسع معركة غزة في تزايد صراعات أمريكا وإيران فكل واحد وبطريقته الخاصة يساعد أحد الأطراف المتحاربة هناك من جهة الإسناد الأمريكي مستمرة لـ”تل ابيب” وفي المقابل هناك الدعم المفتوح الإيراني لحماس.

وحول ذلك يقول ميره إن “هجوم كرمان ليس إلا تأكيد على الرموز الكبيرة الإيرانية مستهدفة دائما من قبل أمريكا، صحيح أنها صرحت حول هجماتها لتلك الميليشيات والفصائل المسلحة بمثابة رد لتلك الهجمات التي تطال القواعد الأمريكية لقوات التحالف وخصوصا أمريكا في العراق، ومن بعد آخر يعد تمديدا للمعارك الجارية في غزة في البداية تقول أمريكا: نحن لا نريد أن يحدث هذا ولكن الأساليب تقول عكس ذلك في عملية اغتيال نائب رئيس المكتب السياسي لحماس في بيروت، وموقف حزب الله بأن امريكا قد فتحت بابا جديدا للمعركة وهذا الهجوم بالمسيرة في كرمان كل ذلك مؤشرات بأن حرب غزة ستتوسع وستلقي بتأثيرات كبيرة على إقليم كردستان”.