نساء سوريات يقاومن على خط النار.. امرأة تواجه دولة

مركز الأخبار

كتب الكاتب السوري محمد محمود بشار مقالاً حول هجمات الدولة التركية المحتلة على مناطق شمال شرق سوريا، حيث تطرق الكاتب خلال المقال إلى مقاومة النساء في شمال شرق سوريا أمام دولة الاحتلال التركي، كما أشار الكاتب في المقال إلى الفارق بين مناطق الإدارة الذاتية والمناطق المحتلة في سوريا.

أعلنت الإدارة الذاتية الديمقراطية في إقليم الجزيرة، الثلاثاء الماضي، عن استشهاد الرئيسة المشتركة لمجلس مقاطعة قامشلو يسرى درويش، ونائبة الرئاسة المشتركة للمجلس ليمان شويش، وسائقهما فرات توما في الهجوم التركي الذي استهدف الطريق الواصل بين مدينة قامشلو وناحية تربه سبيه بالقرب من قرية تل شعير.

وإليكم نص المقال:

“قد تكون هذه الأسماء لشخصيات غير مشهورة بالنسبة للعالم ولكن قد تستطيع هذه المرأة أو تلك في هذه البلاد المتوحشة من أن تلهم العالم أجمع بفكرة إمكانية الإستمرار في الحياة على حدود الموت وأن تقود مجتمعها في أكثر المراحل خطورة على مر التاريخ.

(يسرى محمد درويش) استطاعت أن تتبوأ منصباً مهماً جداً في أكثر مناطق العالم خطورة، فهي الرئيسة المشتركة لمقاطعة قامشلو في إقليم الجزيرة ضمن الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، امرأة تتقن اللغات: الفرنسية والعربية والكردية وكانت تمارس مهنة التدريس قبل اندلاع الحرب في سوريا.

في يوم الاثنين وفي العشرين من شهر حزيران الجاري، تم استهداف السيارة التي كانت تقلها مع نائبتها ليمان شويش والرئيس المشترك للمقاطعة كابي شمعون والسائق فرات دانيال من قبل طائرة مسيرة تركية، حيث أدى الهجوم الجوي إلى استشهاد الثلاثة وإصابة كابي شمعون بجروح خطيرة.

ذنبها الوحيد هي ومن كان معها أنهن قياديات في مشروع يسعى إلى حل ما يمكن حله وترميم ما يمكن ترميمه في بلاد مزقتها الحرب، هذا الأمر الذي لا يروق للرئيس التركي رجب طيب أردوغان ونظامه الحاكم.

أغلب مناطق شمال وشرق سوريا هي مناطق حدودية مع تركيا والعراق، كانت تشكل هذه المناطق الخط الأول في جبهة محاربة تنظيم داعش الإرهابي والآن نفس المناطق هي خط النار بين سوريا وتركيا. هذه الأخيرة التي دائماً تتهم قوات سوريا الديمقراطية بأنها تمتلك مشروعاً كردياً إنفصالياً.

إلا أن ما جرى داخل هذه السيارة التي تم استهدافها يبين حقيقة مشروع قوات سوريا الديمقراطية والإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، فيسرى التي استشهدت اليوم هي كردية وكابي شمعون الذي أصيب بجروح خطيرة هو سرياني وكليهما يديران بشكل مشترك مقاطعة قامشلو في إقليم الجزيرة السورية.

كذلك ليمان الشهيدة هي أيضا كردية وفرات دانيال الشهيد هو سرياني، سيتم تشييعهما معاً في مدينة قامشلو وسيتم دفن جثمانهما في نفس المقبرة التي تضم شهداء عرب وسريان وكرد وأرمن ومن باقي المكونات القومية والدينية الموجودة في المنطقة.

في المناطق السورية التي تحتلها تركيا، المرأة هي عبارة عن عورة، بينما في مناطق الإدارة الذاتية المرأة هي التي استلمت دفة القيادة، فهناك في قمة الهرم القيادي في كل المؤسسات الإدارية والعسكرية والأمنية والسياسية نساء جديرات بالثقة وقادرات على القيادة والتضحية.

وهذه ليست المرة الأولى التي تتعرض فيها امرأة قيادية في شمال وشرق سوريا إلى هجوم جوي تركي، فهناك سجل طويل بأسماء النسوة اللائي استشهدن وهن على رأس عملهن.

يبدو أن المرأة القيادية تخيف أردوغان كما كانت تخيف عناصر تنظيم داعش، يبدو أن أردوغان الذي تم انتخابه من جديد في شهر مايو المنصرم سيبقى كمان كان قبل هذه الانتخابات في تعامله مع الملف السوري.

بالمقابل تبقى المرأة السورية في شمال وشرق البلاد كطائر العنقاء الذي ينهض من بين ركام الحرب لتقود هذه المنطقة التي تقع على خط النار إلى بر الأمان.

هنا تحدت المرأة أعتى تنظيم إرهابي عرفه التاريخ البشري المعاصر وهزمته، وهنا ستبقى النساء لتقاتل من أجل الحرية والكرامة والديمقراطية لكل سوريا.

هنا يقول لنا عقد من الزمن الذي مرّ، بأن الحرب ستبقى مشتعلة والحياة ستبقى مستمرة”.